|
بقلم: د. عبد الرحيم بوعيدة |
أدرك جيداً أن الرسائل لم
يعد لها معنى في زمن الأنترنت الذي اختزل المشاعر والمسافات والأزمان وحولهما إلى
لحظات عابرة يسبح أصحابها في عالم افتراضي، لكن تبقى للرسالة الورقية نكهة خاصة
لأنها كالصورة تماما توقف الزمن ولو للحظات وتظل أفضل شاهد للتاريخ الذي يصنعه الآن
كل واحد على هواه.
لا أعرف كيف أخاطبكم
وأنتم تعيشون زمنا مختلفا في مكان مختلف هل أخاطبكم بضمير الغائب أم الحاضر فينا
دوما رغم غيابه 39 سنة من الشتات والغياب تحمل في ذاكرتها صورا متعددة لا أستطيع
الدخول في تفاصيلها لأنها مطبوعة بشياطين السياسة، وأنا لا أريد لرسالتي هذه أن
تكون سياسية حتى وإن لم أستطع خلع عباءة السياسي، أريدها أن تكون بطعم الكاتب
الحامل لهموم وطن لازال تائها في ردهات السياسة، أعجبتني رسالة كتبها لاجئ فلسطيني
للاجئ سوري يعيش الحالة لأول مرة أحسست وأنا أتأملها أنكم تعيشون الحالة أكثر من
مرة بحسبة زمنية تقدر بـ 39 سنة من اللجوء، الخيمة طبعا لم تعد تزعجكم لأنها تحمل
ذاكرتكم وتاريخكم، لكن الذي يزعج هو أن الخيمة تحولت لوطن بديل والمدارس
والمستشفيات التي تحدث عنها اللاجئ الفلسطيني صارت بحجم وطن... سأخاطبكم باللاجئين
الصحراويين في المخيمات مع أن التسمية فيها ظلم كبير لأننا لا ندري من اللاجئ منا
ومن المستقر؟ مخيماتكم الصامدة في وجه الزمن يُسميها المغرب "ذل وعار"
وأنتم تصفونها بمخيمات "العزة والكرامة" وتاريخ البدو الذي قرأناه كتبا
وقيما لا يسمح للبدوي أن يعيش في مخيمات "ذل وعار" لذا فالتسمية فيها
ظلم لكم تماما كأسطورة "المحتجزين" التي لم تعد مفهومة في زمن الأنترنيت
الذي لو صاح فيه مواطن في أقصى بلاد العالم استجاب له الكل في الحين، لذا لا أدري
ما سر هذه التهمة التي لازال المغرب مصرا على نعتكم بها.