بقلم: يحظيه حمادي البشير (المصدر/ وكالة المغرب العربي المُستقلة) |
أثارتْ مسألة
الاعتذار الذي طلبه السيد والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، من السيدة كيري
كينيدي رئيسة مركز روبرت كينيدي للعدالة و حقوق الإنسان، و ذلك بعد ورود مجموعة من
"المغالطات" حسب السيد الوالي الواردة في التقرير الذي أعده المركز خلال
زيارته لمدينة العيون عقب الأحداث التي عرفتها المدينة والمرتبطة بتفكيك مخيم أكديم
إزيك الاحتجاجي من طرف القوات المغربية، خلال أواسط شهر يناير 2011، مسألة
الاعتذار هذه التي نعود و نكرر بأنها أثارت حفيظة مجموعة من المكونات خاصة فئة
المعطلين حاملي الشواهد المهنية والجامعية، ولاسيما بعد ما ثبت فعلا على ما يبدو
بأن السيد الوالي قد يكون فعلا نبس بمثل هذه التصريحات ولعل ذلك ما يؤكده عدم قبول
السيدة كيري كينيدي لتقديم اعتذار، التصريح المثير للجدل جاء متضمنا في التقرير في
الفقرة الخاصة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بحيث قال السيد الخليل الدخيل حسب
التقرير بأن سبب ارتفاع البطالة في المنطقة راجع إلى كون "الصحراويين مختلفون بيولوجيا عن المغاربة، لأنهم أهل
بادية" وبسبب نمط عيشهم البدوي، لم يكونوا متعودين على العمل،
وهذا واحد من أسباب انتشار البطالة بينهم؛ وعلل الوالي كذلك البطالة بالأزمة
الاقتصادية العالمية، التي أثرت على الصحراء الغربية هي الأخرى.
مثل هذا التصريح الذي على ما يبدو
بأنه كان تبريري بحكم الارتفاع المهول لنسبة البطالة في المنطقة والتي تتجاوز 28%، وذلك بحكم كون
السيد الوالي آنذاك لم يمر على تعينه سوى ثلاثة أشهر تقريبا، إلا أنه ومن غير
الممكن قبول مثل هذا الطرح الغير علمي، وذلك لمجموعة من الأسباب الوجيهة، أولها
ببساطة أن معضلة البطالة لا يمكن أن نعزوها إلى الاختلافات البيولوجية، وذلك نظرا
لكونها من بين المشاكل الاجتماعية الملازمة للمجتمعات في عصرنا اليوم، كنتيجة
طبيعية للأزمات الدورية التي يمر منها الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وارتباط المغرب
باقتصاديات الدول الأوربية التي تعرف أزمة خانقة، فالاختلاف البيولوجي غالبا ما
يثار للتمييز بين الجنسين، أو لعل السيد الوالي يقصد بذلك الاختلافات الثقافية
التي يعتبرها من منظوره الشخصي سبباً رئيسياً في ارتفاع نسب البطالة بين صفوف
المجتمع الصحراوي، وذلك بسبب النمط البدوي الذي ألفه الصحراويون.
هنا نطرح مجموعة من الأسئلة، هل
المجتمع الصحراوي لم يتكيف بعد مع حياة الاستقرار و التمدن؟ فالزائر إلى المدن
الصحراوية يستطيع أن يكتشف و بسهولة أن لا شيء أصلا يميز هذه المناطق عن البوادي،
اللهم فقط بعض البنايات المتآكلة وبعض المنشآت الإنتاجية من قبيل المراسي ومنجم
بوكراع للفوسفاط، لا أقل ولا أكثر، إن نظرية الاختلاف الثقافي قد تجد سنداً لها لو
أن المغرب قام بمشاريع ضخمة لامتصاص أفواج خريجي المعاهد والجامعات والشباب الغير
المؤهل، وبقي الوضع على ما هو عليه آنذاك فقط يمكن للسيد الوالي وجميع المدافعين
عن سياسات "الاحتلال" المغربي في الصحراء الغربية أن يتبنوا مثل هذه
النظريات التبريرية للفشل الذريع لجميع هذه السياسات الذي يظل العامل الأمني هو
المسيطر عليها.
وعن أي اختلاف أصلا يمكن الحديث عنه
ما بين الشعبين المغربي والصحراوي؟ فالكثير من المناطق في المغرب لازالت تعيش على
النمط البدوي، ولا ننسى كذلك بأن هذا النمط البدوي بكل تجلياته هو النمط المسيطر
من الناحية الثقافية على وجدان الشعبين، على اعتبار أن المغرب لم يخرج من
الاستعمار الفعلي إلا منذ أقل من نصف ست عقود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق