بقلم: ماء العينين لكحل |
يبدو أن الرئيس الفرنسي السابق
نيكولا ساركوزي، سيصبح المستشار الخاص لملك المغرب محمد السادس حسب ما
تناولته وسائل إعلام مغربية وفرنسية مؤخراً.
فوفقاً لخبر تحليلي عن وكالة الأنباء الفرنسية، أ.ف.ب، صادر يوم 6 أغسطس الماضي والمستند إلى معلومة نشرتها جريدة "أخبار اليوم" التي تصدر بمدينة الدار البيضاء فإن الرباط "مهتمة بشبكة العلاقات التي نسجها ساركوزي عبر العالم ووسط عالم المال والأعمال الفرنسي".
فوفقاً لخبر تحليلي عن وكالة الأنباء الفرنسية، أ.ف.ب، صادر يوم 6 أغسطس الماضي والمستند إلى معلومة نشرتها جريدة "أخبار اليوم" التي تصدر بمدينة الدار البيضاء فإن الرباط "مهتمة بشبكة العلاقات التي نسجها ساركوزي عبر العالم ووسط عالم المال والأعمال الفرنسي".
ويبدو أن الزيارة الأخيرة التي أجراها ساركوزي وزوجته، كارلا بروني، ما بين يوم 24 و31 جويلية الماضي لمراكش هي ما غذا هذا الخبر الذي لم يتم تأكيده من أي جهة رسمية كما لم يتم نفيه أيضا، حيث أن الرئيس الفرنسي السابق استفاد من كرم ضيافة ملك المغرب الذي مكنه من قضاء هذه العطلة في قصره الفخم المعروف باسم "جنان لكبير" بمراكش.
هذه الزيارة، وبالرغم من كونها زيارة خاصة وشخصية، إلا أنها كانت مناسبة للقاء "غير رسمي" لكنه مثير للغرابة بين الرئيس الفرنسي السابق المعروف بعدائه المستحكم "للإسلاميين"، والوزير الأول المغربي "الإسلامي جدا" بنكيران.
اللقاء الذي دام لساعة حسب مصادر إعلامية مغربية قد يدعم أن نيكولا ساركوزي قد تلقى بالفعل عرضا بأن يبسط مذكرة اتصالاته وعلاقاته وتجربته السياسية لخدمة "أمير المؤمنين به". وليس هذا بالأمر الغريب حيث أن ساركوزي وغيره من السياسيين الفرنسيين وعدد كبير من السياسيين الإسبان وغيرهم، مدافعون شرسون عن مصالح "جلالة" ملك المغرب.
فمنذ 2008، تاريخ تحسن العلاقات بين ملك المغرب وساركوزي بسبب اختيار الأخير بدأ زيارته الأولى للبلدان المغاربية سنة 2007 منطلقاً من الجزائر، حافظت فرنسا على موقفها التقليدي الذي يدعم وبلا شروط المغامرة الاستعمارية المغربية في الصحراء الغربية.
ولم يدعم ساركوزي وإدارته المغرب في الأمم المتحدة فقط عبر وضع العراقيل أمام كل حل سياسي عادل ودائم يمكن من حل آخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا على قاعدة الشرعية الدولية، بل أنه منع مجلس الأمن من إدراج مراقبة وحماية حقوق الإنسان في مهمة بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو). وطبعا كان هذا الموقف المخزي موضوع انتقاد وإدانة واسعتين من طرف كل منظمات حقوق الإنسان العالمية، والتي لم تتوقف طيلة السنوات الخمس الأخيرة على الأقل عن المطالبة بحماية الشعب الصحراوي بمناطق الصحراء الغربية المحتلة من طرف الجيش المغربي منذ سنة 1975.
بل أن الحكومة "الساركوزية" ضاعفت الخدمات المؤداة للقصر عبر دعم منح المغرب وضع الشراكة الخاصة مع الإتحاد الأوروبي من داخل هيئات هذا الإتحاد دون أن تشترط على الرباط احترام الشروط التي يجب، نظريا، أن تحكم مثل هذا الوضع الخاص.. ومن سيكون أفضل من فرنسا، مهد حقوق الإنسان، في تقديم الشهادات الضرورية حول المغرب عبر التأكيد بأنه بلد: ديمقراطي، ويحترم حقوق الإنسان، والقانون الدولي، وبأنه بلد عصري وجنة من الاستقرار؟ ...إلخ... إلخ.
والأكيد أن العلاقات الخاصة والإمتيازية لا تنقص بتاتا داخل الأجواء السرية والخاصة التي تلف قصور الملك وبقية إقاماته الخاصة التي يتهافت السياسيون الفرنسيون عليها مثلهم في ذلك مثل رجال الأعمال، والفنانين، والمثقفين، والصحفيين وغيرهم.. وطبعا فإن الكرم الملكي الأسطوري يتوفر على كل الإمكانيات الضرورية "للعطف" على صناع القرار المؤثرين في فرنسا، وهو الكرم الذي تغلغل كالسرطان في الهيئات القيادية بالبلد الأوروبي وبعالم السياسة والمال وحتى عالم الفن والثقافة الباريسيين.
ومما لا شك فيه أن المغرب يعرف جيدا كيف "يجازي" أصدقائه المخلصون، وساركوزي واحد منهم طبعا. هذا الفرنسي قد قضى عطلا وليال لا تضاهيها إلا ليالي قصص ألف ليلة وليلة منذ سنة 2008 وحتى اليوم، إذ وطأت قدماه ثلاث إقامات أسطورية ملكية على الأقل وهي "جنان لكبير"، و"المنصور الملكي" وبطبيعة الحال "المامونية"، ذلك الفندق الفخم حيث يلتقي أصدقاء الملك، وقد يجتمعون ليخدموا مضيفهم الملكي بآفضل الطرق الممكنة.
إن خبر "تعيين" ساركوزي في مهمة للدعاية للمغرب إن صح او تم تأكيده هو إهانة جديدة لفرنسا ولسمعة الوسط السياسي الفرنسي الفاقد للمصداقية أصلا بسبب الفساد والعلاقات الفضائحية التي اكتشف وجودها بين الموظفين السامين الفرنسيين وأنظمة ديكتاتورية مثل نظام بن علي او القذافي وغيرهما.
غير أن ما يثير القلق حقا هو سلبية المواطنين الفرنسيين الذين لا يأتون بأي رد فعل على هذا الفساد، فهل علينا نحن أن نتمنى قيام ثورات إوروبية ضد مثل هذه التصرفات والمواقف التي تشكل خطرا علي الديمقراطية والسلام؟ وهل ستكون لنا نحن، شعوب إفريقيا، القوة الكافية لتحمل نتائج فساد الحكومات الإوروبية؟ هل علينا أن نعاني من جديد، نحن شعوب الجنوب، ولكن أيضا شعوب الشمال، من احتقار حكام العالم لنا وهم يدفعون بالبشرية نحو نهايتها؟ حتما أن السنوات القادمة ستجيب عن هذه الأسئلة.. ولكن بأي ثمن؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق