توطئة


شعارنا: الكتابة للجميع فيما يُفيد الجميع.. وليس المهم أن نتفق في ما نكتب بقدر ما تهم الفائدة المُستخلصة والمُستنبطة من ذلك.

للمشاركة بمقال، رأي، تعليق أو أي شيء مما أردتموه، ما عليكم سوى مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني التالي:
espaciosaharaui@yahoo.es


الأحد، 26 أغسطس 2012

عرش على الجماجم لوطن من الإهانات


بقلم: محمد لحسن (المصدر: UPES)
لن أتحدث هنا عن الجماجم التي أسقطت عن أجسامها ليعيش الملك، ولا عن تلك التي أقبرت حية ليبقى الملك، ولا عن تلك التي أذيبت مع أجسادها في الحمض من اجل الملك والملكية في المغرب، فهذه على الأقل دفعت ثمن مواقفها وكرامتها وكبرياءها فموت الكرامة اشرف آلاف المرات من حياة المذلة.

ولكني سأتحدث عن جماجم أخرى لازالت على أجساد أصحابها ولازال أصحابها أحياء يرزقون لكنها مثيرة للشفقة والسخرية معا، فهي حياة ليست أحسن من الموت وخصوصا في تلك العملية التي يسمونها البيعة، فو الله لن تستطيع أن تتمالك نفسك من الضحك عند رؤية طقوسها، وخاصة لحظة خروج الملك الى الحشود التي تنتظره منذ ساعات طوال أمام باب القصر، يرتدون نفس الثوب جلابيب بيضاء ونعال صفراء وجوارب بيضاء ويقول بعض المطلعين على البروتوكول المغربي أن هذه الجلابيب يمنع معها ارتداء السراويل.

الأمر لا ينتهي عند هذا الحد فما إن يخرج الملك حتى ينادي أحد "عبيد" الملك في تلك الحشود التي تتقدمها طبعا الحكومة وكبار الموظفين في الدولة يُنادي فيهم بشكل مجموعات، ويبدأ بوزير الداخلية وعمال وولاة المملكة صائحاً فيهم:
- "الله يصلحكم قال لكم سيدي".
وما أن يسمع هذا الصياح حتى تخر هذه المجموعة راكعة وهي تصيح:
- "الله إيبارك في عمر سيدي".
والإشكال أن الخادم لا ينتهي عند هذا الحد بل يصيح مرة أخرى:
- "الله يرضي عليكم قال ليكم سيدي"؛ ليخروا راكعين مرة أخرى وهم يكررون نفس الشعار السابق.

وتتكرر هذه العملية خمس مرات.. يعني خمس ركعات لغير الله، وعندما تنتهي الركعات يذهبون في حال سبيلهم، لتقوم باقي المجموعات بنفس الركعات المهينة أمام سيدهم الذي يعود أدراجه إلى القصر دون أن يكلف نفسه عناء الكلام، بل يتكلم أحد عبيده نيابة عنه وهو يصيح:
- "قال لكم سيدي كذا وقال لكم كذا".

وما يثير السخط هو استسلام هذه الحشود التي هي نخبة الشعب المغربي من علماء ومفكرين، ومثقفين... إلخ، لمثل هذه الإهانة، فكيف يقبل هؤلاء البشر الذين ولدتهم أمهاتهم أحراراً أن يعاملوا بهذا الشكل اللا إنساني؟ أين ذهبت نخوتهم وكرامتهم وعزتهم؟ أين ذهب إباء المسلم فيهم؟ أين ذهبت عزة الإنسان التي هي روح العصر والتي تضمنها جميع الشرائع الوضعية والسماوية؟

لا أملك إجابة على هذه الأسئلة ولكني متأكد أن هذه النخبة التي تقبل أن تعفر جباهها في الأرض من أجل بعض فتات الموائد لا يرتجى منها خير للشعب المغربي في الحاضر ولا في المستقبل.

والغريب في الأمر أن هذا الشخص الذي ألهُوه هو أغنى ملك لأفقر شعب، فهو يتربع على المرتبة السابعة لأغنى ملوك العالم حسب ترتيب مجلة فوربس متفوقاً بذلك على الملكة إليزابيت ملكة بريطانيا وأمير قطر وأمير الكويت؛ ولكم أن تـُقارنوا بين شعوب هذه الدول وبين الشعب المغربي، مثلا بين حال الشعوب الخليجية في قطر والكويت وحال الشعب المغربي أو حال المواطن البريطاني والمغربي.

للأسف لا يوجد مجال للمقارنة؛ الملكية في المغرب لم تترك للمواطن المغربي شيء فهي تلتف على المغرب سياسيا بمؤسسة المخزن و"تستحوذ" عليه اقتصاديا بشركة "أونا" التي يملكها الملك محمد السادس ولم تترك للمواطن المغربي إلا تجرع الإهانات ويبدو أنها ستطول مادامت النخبة المغربية لا تملك ذرة نخوة أو كبرياء ومادام الشعب المغربي متقاعسا عن الدفاع عن حقوقه.

ليست هناك تعليقات: