بقلم: دمين حيدار (المصدر/ المدونة الإلكترونية "التغيير") |
مُشرفين على إتمام العقد الرابع من مسيرة كفاح هذا الشعب، هنالك دروسٌ تـُستخلص
وملاحظاتٌ تـُسجل وتاريخٌ يـُسطر؛ فكطالب وشاب حديث النشأة، ليس له إلمام كبير، قد
تبلورتْ لديه فكرة عن الحياة النضالية لهذا الشعب ومراحلها، سواءٌ تلك التي أرعبت
العدو أو تلك التي
وفرتْ عليه عناء الرد، سألقي بعضاً مما يجول على العموم في بيئة الطلبة؛ هذه
المراحل قد شهدت على معظم الأشخاص الذين نالوا شرف الوكالة في أن يمسكوا بزمام
أمور هذا الشعب طيلة الأربعة عقود الماضية فمنهم من أجاد وأتقن، ومن كان دون ذلك ومنهم
من أساء التصرّف؛ للأسف العدو مع قادة من هذا الصنف لا يعد نفسه في حرب مهما كان
نوعها فما بالك إن كانت تلك التي لها طابع سياسي والضحية في الأخير ليس إلا الشعب
الصحراوي، إن توحد الصفوف بين قادة هذا الشعب في اتخاذ القرارات التي تخدمه انتصار
أصغر، كذلك فهم العالم الحالي وما يتطلبه هو انتصار أصغر، تقديم الأشخاص الذين
لديهم الرغبة والقدرة هو أيضاً انتصار.. إن هذه الانتصارات إذا تم تحقيقها ستجر
إلي الانتصار الأكبر.
الوضع الراهن
ليس مطلقاً بالأمر الصعب الذي يستعصي حله، هنالك نقطة إتباعها على هؤلاء هو واجب
قبل أن يكون منفذاً في الأخير، إن الوعي الكامل بالعالم المُعقّد المتشابك في ما
بينه اقتصادياً، سياسياً، اجتماعياً، والذي شعبنا يعتمد بالدرجة الأولى على دعم
شعوبه في إيجاد حل للقضية، هذا العالم صارت الشعوب فيه على مستوى عالي من الثقافة
السياسية التي تمكنهم من اختيار أشخاص لهم من الذكاء السياسي ما يمكنهم من عدم
إصدار أي قرار ما لم يكن يصب في مصلحة شعوبها بشكل كلي، وهذا ما يعني أن الأمور
زادت تعقيداً أمام الطريق الذي يسلكه هذا الشعب أو بالأحرى الذي ينظر إليه على أنه
حتمي ولا مناص منه، فلا الشعب ولا نخبته رأت فيه رأياً، شعوب العالم وما لها من
ثقافة سياسية اندفعت إلى جمعها مدركة أن لا مخرج ولا منفذ من الظلام السياسي إلا
بجمعها ليست على الإطلاق عقبة أمام الطريق الذي على الشعب الصحراوي أن يسلكه، بل
هو النقيض؛ إن هذه الشعوب بثقافتها لا تزيد إلا من فرص هذا الشعب وحظوظه في أن
يصير ذا سيادة؛ إذا اقتنعت هده الشعوب على أن شعبنا له الحق في أن يقرر مصيره من
خلال استفتاء عادل وحر يضمن الاستقلال لهذا الشعب فإن قيادتها ستستشعر الحراك في
داخل شعوبها وهذا نفسه هو ضغط دون ضغط، غير أن الضغط الصادر من هذه الشعوب يستلزم
قوة أخرى من الخارج لتلفت انتباه قادتها إليه، لأن الذكاء السياسي الذي اختارتهم
شعوبهم لأجله ولنقصه قد يُرشدهم إلى إنكار ذلك، ولكن أن تلفت انتباه أشخاص على
مستوى عالي من العلم والدقة لابد لك من أشخاص هم أهل لمجابهة هؤلاء، فإنه إذا وصل
الأمر هذه النقطة يصير الأمر كله عائد عليك معتمداً على مهارتك في مجابهة أناس
اختارتهم شعوبهم ليقودونهم لما لهم من علم ومعرفة تخلق الدقة اللامتناهية التي بها
لا قرار دون معرفة هل القرار سيصب أو لن في صالح شعوبها؟؛ لذلك هذه النقطة مهمة
أهمية البصيرة التي من دونها البصر قد لا يُسمى بصراً، وعدم الاستعداد لهكذا
تغيرات في عالم يزداد صغراً ليس بالضرورة عثرة النهوض بعدها مستحيل؛ متيقناً لا
متأمل هذا الشعب تنبض بداخله قدرات سياسية واجتماعية قادرة دوماً على أن تحول
المحنة إلى فرصة، شباب وطلبة أعرفهم ويعرفونني جمعتني وإياهم أطوار الدراسة كلهم
لهم إيمان راسخ على أن تجسيد الدولة الصحراوية كائن لا محال، ولكن أيضاً لهم يقينٌ
على أن الأمور لا تجري كما ينبغي، وهذا ما يزيد من حسرتهم، قادرين ويعلمون كيف يجب
أن تكون ولكن لا يُمكنهم أن يحركوا ساكناً فهم كأفراد تم المجيء بهم من أكثر
المجتمعات تحضراً مع احترامي الشديد للشعب الصحراوي وحُبي له وإدراكي التام على أنه
ما من أحد كائناً من كان، متعلماً كان أو لم يكن، من شعبنا أو من شعب آخر يُمكنه
إلقاء اللوم على هذا الشعب، وإنما اللوم كله على ذاك الجزء من القيادة الذي يلهي
عن النظر في هكذا شؤون؛ إن غض النظر عن هذه النقطة ونقاط أخرى درايتي بها أقر أنها
محدودة إن لم تكن معدومة، لا يزيد الطين إلا بلة ويُصعب من مسيرة هذا الشعب.
الآن على كل
من يبحث بجد عن مصلحة هذا الشعب أن يساهم على قدر الوسع في ترقيع هذا الخلل مع
الإقرار بأن الدور العائد على الطلبة من عيار خاص، فمستقبل هذا الشعب يعتمد عليه
دون أدوار غيرهم، وهل قاد هذا الشعب طيلة هذه السنين غير الطلبة؟ وأولئك الذين
أعلنوا عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كان معظمهم طلبة، فعلى
الطلبة دون غيرهم تشكيل البنية التي يجب أن يكون عليها المجتمع ثم جعل شرائحه
تقتبس لتسود البنية وتسري في أذهان أجيال هذا المجتمع، بعدها ودون شك كل ذهنية لا
تصب في صالح هذا المجتمع ستنبذ وتهجر، هذا دور بالإضافة إلى التفاني في طلب العلم
ونشر القضية قدر المستطاع، فالعالم صار الآن تلك الكتلة التي يُمكن للطالب
الصحراوي أن يُحدث فيها ما يمكن أن يساهم في نشر القضية ويُسهل الأمر على
المسؤولين، فتصل الرسالة إلى تلك الشعوب على أن هنالك شعبٌ من حقه أن يُقرر مصيره
ومؤمن على أن الحق دوما يُعطي القوة وعلى هذا الأساس، حتى الاستقلال، سيقوم بدوره
في متابعة المسيرة النضالية، ويكونون بهذا قد أدوا واجبهم القيادي على أكمل وجه لينتقلوا
لغيره؛ هذا الدور المناط بالطلبة كان ضمن مُداخلتي في إحدى الندوات الطلابية التي
تم تنظيمها بمقر اتحاد الطلبة خلال عطلة الربيع الماضية، والتي كانت تحت شعار
"عزيمة الأجيال تضمن الاستقلال'' كما أن المقالات التي نشرتـُها على موقع ''آرسو'' باللغة الانجليزية لم تخل أبداً
من هذه النظرة، نظرة انبثقتْ من البيئة الطلابية مؤمنة أن الطلبة على قدر كبير من
العلم والمهارات في شتى المجالات ما يؤهلهم لأن يسيروا في مقدمة هذا الشعب لينبثق
فجر الاستقلال بعد مسؤولية عبر ظلام حالك ومزرعة ألغام العدو لم ولن يحتاج فيها
إلى خارطة بتاتاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق