بقلم: ماء العينين لكحل |
قال اللواء الجزائري المتقاعد، خالد
نزار، في الحلقة الثامنة من شهادته التي تبثها قناة "النهار" الجزائرية،
أن الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني، أراد استعمال ورقة الجزائري، عبد
الحق العيادة، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المسلحة الارهابية، للضغط على
الجزائر لتتخلى عن دعم كفاح الشعب الصحراوي العادل من أجل الاستقلال، حيث
كشف بأن عبد الحق العيادة، كان تحت رقابة رجال الأمن الجزائري سنة 1993،
لكنه اختفى بشكل مفاجئ ليظهر بعد أيام من ذلك في أحد فنادق مدينة وجدة
المغربية، دون أن تعرف أجهزة الأمن المغربية حقيقته.
وقال إن أمره كان يتطلب أحد الخيارين، إما القبض عليه وإدخاله إلى الجزائر دون علم الدولة المغربية أو إخبارها بالأمر والتنسيق معها في هذا الشأن، حيث وقع الاختيار في النهاية على الحل الثاني إذ اتصل اللواء نزار بوزير الداخلية المغربي حينها، إدريس البصري، واتفق الطرفان على إرسال أحد الضباط الجزائريين إلى المغرب ومعه كل الأدلة، كما كشف للمغاربة وجود مخزنين للأسلحة للمجموعات الارهابية داخل المملكة المغربية لا تعلم سلطات الرباط عنهما شيئا، لكن البصري أخبر اللواء الجزائري محمد العماري، برغبة الملك الشخصية في لقاء اللواء نزار لمناقشة الموضوع.
وفعلاً سافر نزار إلى المملكة وحظي باستقبال رسمي في المطار من قبل وزير الداخلية الذي أخذه إلى الملك ليجلس معه لمدة ساعتين مُحاولا المساومة بورقة عبد الحق العيادة مقابل تغيير الجزائر موقفها الثابت من القضية الصحراوية، لكن الجلسة وصلت إلى طريق مسدود، مما اضطر الملك لإنهائها بشكل مفاجئ.
ـ عبد الحق العيادة يؤكد محاولة المخابرات المغربية تجنيد صحراويين معه:
ولم تنته قضية العيادة عند هذا الحد فقد تكلم نزار بعدها مع إدريس البصري حول نفس الموضوع، لكن البصري تهرب من التعاطي مع الأمر بحجة أنه موضوع صعب، وبعد 15 يوم من ذلك التاريخ، قال نزار إنه عرف أن العيادة حر طليق في المغرب ليتصل مرة أخرى بالبصري الذي ادعى أن الأمر يتعلق بقضية إنسانية.
وبعد أن عجز المغرب عن مقايضة عبد الحق العيادة بموقف الجزائر من الصحراء الغربية، تم تسليمه إلى الجزائر ليحاكم فيها يوم 14 جوان 1994، وليُصرح للمحكمة أن المخابرات المغربية حاولت الضغط عليه ومساومته لخدمتها في زعزعة الوضع الأمني في الصحراء الغربية وربط الموضوع بجبهة البوليساريو.
ولكن للقصة أيضاً جانب آخر، حيث أن عبد الحق العيادة نفسه صرح خلال مثوله أمام محكمة الجزائر يوم 14 جوان 1994، أنه وبعد أن تم احتجازه عند الأمن الملكي المغربي بوجدة تم نقله إلى الرباط مدة عشر أيام حيث اتصل به ضباط في الجيش الملكي ونسقوا له لقاء مع مسؤولين في المخابرات المغربية يوم 13 أفريل 1993 قبل أسابيع من زيارة خالد نزار المذكورة أعلاه.
وحسب شهادة عبد الحق العيادة فإن المغاربة طلبوا منه تجنيد بعض الطلبة الصحراويين الدارسين بالجزائر والمُقيمين بمخيمات اللاجئين الصحراويين على أساس أن يتم نقلهم إلى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية للقيام بعمليات إرهابية يتم اعتقالهم بعدها واستغلالهم إعلامياً لضرب مصداقية جبهة البوليساريو واتهامها بالوقوف وراءهم وبالتنسيق مع المجموعات الإرهابية.
وأضاف أن السلطات المغربية وعدته في حالة قبوله بالتعاون معها بأن توفر للجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" أسلحة وأموال ودعم أنشطتها الإرهابية في الجزائر لزعزعة الأمن والاستقرار هناك.
وحسب الخطة المغربية التي كشف عنها عبد الحق العيادة فإن هدف المغرب كان هو "ضرب مصالح جبهة البوليساريو في الجزائر"، مشيراً أنه تلقى وعودا بمقابلة وزير الداخلية المغربي، إدريس البصري، في حالة موافقته على الخطة مؤكداً في ذات الوقت أن الأمن الملكي أخبره أنه ليس رهن الاعتقال وإنما هو ضيف يرغبون في تعاونه وإلا سيكون مُخيّراً بين السجن بسبب الهجرة غير الشرعية أو إبعاده إلى الجزائر، وهو ما تم في 02 أوت 1993.
ـ محاولة المخابرات المغربية توريط شاب صحراوي في مخطط جهنمي:
غير أن هذه ليست القصة الوحيدة التي تثبت لجوء المخابرات المغربية للتلاعب بالارهاب في محاولاتها تشويه صورة كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال.
وهنا يمكن الرجوع إلى قصة معتقل سياسي صحراوي إسمه محمد الديحاني، محتجز حالياً في سجن سلا2، والذي صرح أنه تعرض للتعذيب والابتزاز من طرف المخابرات المغربية لستة أشهر، حيث حاول ضباط المخابرات إرغامه على التعاون معهم في عمليات إرهابية يقومون بها بمدينة العيون المحتلة وإيطاليا وينسبونها له ولجماعة إرهابية مختلقة ويتم ربط الموضوع كله بجبهة البوليساريو.
ويبدو أن المعتقل قد تعرض للتعذيب والمعاملات المهينة للكرامة في زنازين سجن "تمارة" السري جنوب مدينة الرباط منذ اختطافه يوم 28 أبريل 2010، ولعشرة أيام متواصلة، قبل أن يعرض عليه جلادوه أن يتعاون معهم.
وقبل محمد أن يتعاون أول الأمر، معتقداً أن الموضوع يتعلق بالحديث عن قناعاته، وتقديم أي معلومات، لكنه فوجئ في اليوم الموالي بتغير تعامل الجلادين معه، حيث قدم له الطعام، وسمح له بتنظيف نفسه إلى غير ذلك، ليجد نفسه في غرفة مع مجموعة من الأشخاص بلباس مدني، وأمامهم على الطاولة جوازات سفر مزورة، ومبالغ هائلة من المال، وبعض الأسلحة.
وكم كان رعب محمد كبيراً حين سمع من أفواه هؤلاء المسؤولين المغاربة وعناصر المخابرات عن الفكرة الجهنمية التي يحيكونها له؛ لقد طلبوا منه أن يتعاون وأن يقبل بإصدار بيانات باسمه على أساس أنه إرهابي صحراوي، في حين يتكفلون هم بتنفيذ عمليات إرهابية في العيون المحتلة ضد مقر بعثة الأمم المتحدة، وضد بعض الزوار الأجانب، وضد السجن لكحل، وضد الحزام الناقل للفوسفات إلى آخر ذلك من العمليات التي كانت ستـُودي بحياة الكثيرين.
ورغم الضغط والتهديد، رفض محمد الديحاني نهائياً القبول بالمشاركة في هذه الجرائم، وفضل أن يعود للتعذيب وسوء المعاملة على هذا الإنتحار؛ وفعلا أعيد للتعذيب وظل يعاني منه في سجن تمارة ستة أشهر، إلى غاية يوم 29 أكتوبر 2010، حيث تم تسليمه للشرطة القضائية المغربية، ونقله لسجن سلا2 على أساس أنه اعتقل في ذلك اليوم.
وفي نفس السياق يمكن أيضاً وضع عملية اكتشاف أسلحة في أمغالا في الجزء الذي يسيطر عليه الجيش المغربي يوم 05 نوفمبر 2011، أسبوعا واحداً بعد تقديم محمد الديحاني للمحاكمة، والتي حظيت بتغطية إعلامية غريبة وغامضة في نفس الوقت أعلنت فيها وكالة الأنباء المغربية عن اعتقال 27 شخصاً متورطاً، ثم انتهت العملية كما بدأت دون المزيد من المتابعة.
ـ جماعة التوحيد والجهاد في افريقيا الغربية صنيعة المخابرات المغربية:
ويُمكن ربط ما تعرض له محمد الديحاني من ضغط باختطاف ثلاثة متعاونين أجانب من مخيمات اللاجئين الصحراويين يوم 23 أكتوبر 2011 من طرف مجموعة إرهابية مجهولة وجديدة على ساحة الإرهاب، تـُشير كل المؤشرات على خدمتها المصالح المغربية مما يُرجح الرأي القائل باحتمال ارتباطها بالمخابرات المغربية التي يبدو أنها نحت في النهاية في تشكيل المجموعة الإرهابية التي عجزت عن اقناع محمد بادعاء قيادتها.
هذه المجموعة التي تسمى جماعة التوحيد والجهاد في إفريقيا الغربية لم يكن لها وجود قبل عملية اختطاف المتعاونين الثلاثة من مخيمات اللاجئين الصحراويين، ولم يعلن عنها أصلاً قبل أن تـُعلن جماعة القاعدة في المغرب الإسلامي عن براءتها من هذه العملية الإجرامية، وهو ما أرغم المخابرات المغربية على استعمال تأثيرها الإعلامي على وكالة الأنباء الفرنسية التي ستصبح الناقل الوفي والحصري تقريبا لكل تصريحات وأخبار هذه المجموعة منذ ذلك التاريخ.
المجموعة التي تقول أن هدفها هو الدفاع عن الاسلام في إفريقيا الغربية ليس لها أي نشاط إرهابي إلا ضد مصالح الشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو، وأيضاً الدولة الجزائرية، حيث أنه ثبت تورط المجموعة في اختطاف دبلوماسيين جزائريين في مالي، وهجومين على الأقل ضد الدرك والجيش الجزائري في تمنراست وورقلة.
دليل آخر أثبت علاقة هذه الجماعة الإرهابية بالمغرب تمثل في لجوء إسبانيا للحكومة المغربية وحليفتها بوركينافاسو من أجل الوساطة لدى الإرهابيين لإطلاق سراح المتعاونين الثلاثة الذين قضوا 09 أشهر رهن الاختطاف في شمال مالي، والغريب أن الجماعة اشترطت على الدولة الاسبانية أن تسحب كل متعاونيها الإنسانيين من مخيمات اللاجئين الصحراويين وإلا قامتْ بمهاجمتهم واختطافهم مرة أخرى.
وهنا يثبت تورط هذه الجماعة مع الرباط وخدمتها لأنشطة المخابرات المغربية التي تستعمل سيطرتها على تجارة المخدرات، وجرائم التهريب المنظم بشمال إفريقيا لتمزجها بالعلاقة مع المجموعات الإرهابية والإجرامية بشمال مالي من أجل ضرب جبهة البوليساريو والجزائر.
إن استعمال المخابرات المغربية الإرهاب لضرب المقاومة الصحراوية هو أمر واقع يجب الإنتباه له بشكل جدي لأنه ليس وليد اليوم بل هو مجهود يبذل المغرب قصارى جهده لتحقيقه من أجل ضرب مصداقية جبهة البوليساريو بعد أن عجز عن تركيعها سياسياً أو على طاولة المفاوضات؛ كما أن احتمالات تورط الأجهزة الفرنسية في الموضوع كبيرة، غير أن المشكل الأساسي دائماً يكمن في صعوبة الحصول على أدلة دامغة تؤكد هذه الاستنتاجات وغيرها عن تورط مخابرات الرباط مع شبكات الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات والهجرة السرية.
ولا نستبعد بتاتا أن يرتكب المغرب حماقات جديدة ومتكررة باستهداف أصدقاء الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين الصحراويين، بل وقد يصل اليأس بالمخابرات المغربية درجة استهداف مواطنين صحراويين بمخيمات اللاجئين، أو قيادات صحراوية لبث الرعب وفي نفس الوقت استغلاله من أجل تثبيط همم وعزائم المقاومين؛ فالأكيد أن استمرار وجود مخيمات اللاجئين الصحراويين رغم كل المعاناة هو أمر مزعج ليس للمغرب فحسب، بل ولحلفائه وعلى رأسهم فرنسا.
وقال إن أمره كان يتطلب أحد الخيارين، إما القبض عليه وإدخاله إلى الجزائر دون علم الدولة المغربية أو إخبارها بالأمر والتنسيق معها في هذا الشأن، حيث وقع الاختيار في النهاية على الحل الثاني إذ اتصل اللواء نزار بوزير الداخلية المغربي حينها، إدريس البصري، واتفق الطرفان على إرسال أحد الضباط الجزائريين إلى المغرب ومعه كل الأدلة، كما كشف للمغاربة وجود مخزنين للأسلحة للمجموعات الارهابية داخل المملكة المغربية لا تعلم سلطات الرباط عنهما شيئا، لكن البصري أخبر اللواء الجزائري محمد العماري، برغبة الملك الشخصية في لقاء اللواء نزار لمناقشة الموضوع.
وفعلاً سافر نزار إلى المملكة وحظي باستقبال رسمي في المطار من قبل وزير الداخلية الذي أخذه إلى الملك ليجلس معه لمدة ساعتين مُحاولا المساومة بورقة عبد الحق العيادة مقابل تغيير الجزائر موقفها الثابت من القضية الصحراوية، لكن الجلسة وصلت إلى طريق مسدود، مما اضطر الملك لإنهائها بشكل مفاجئ.
ـ عبد الحق العيادة يؤكد محاولة المخابرات المغربية تجنيد صحراويين معه:
ولم تنته قضية العيادة عند هذا الحد فقد تكلم نزار بعدها مع إدريس البصري حول نفس الموضوع، لكن البصري تهرب من التعاطي مع الأمر بحجة أنه موضوع صعب، وبعد 15 يوم من ذلك التاريخ، قال نزار إنه عرف أن العيادة حر طليق في المغرب ليتصل مرة أخرى بالبصري الذي ادعى أن الأمر يتعلق بقضية إنسانية.
وبعد أن عجز المغرب عن مقايضة عبد الحق العيادة بموقف الجزائر من الصحراء الغربية، تم تسليمه إلى الجزائر ليحاكم فيها يوم 14 جوان 1994، وليُصرح للمحكمة أن المخابرات المغربية حاولت الضغط عليه ومساومته لخدمتها في زعزعة الوضع الأمني في الصحراء الغربية وربط الموضوع بجبهة البوليساريو.
ولكن للقصة أيضاً جانب آخر، حيث أن عبد الحق العيادة نفسه صرح خلال مثوله أمام محكمة الجزائر يوم 14 جوان 1994، أنه وبعد أن تم احتجازه عند الأمن الملكي المغربي بوجدة تم نقله إلى الرباط مدة عشر أيام حيث اتصل به ضباط في الجيش الملكي ونسقوا له لقاء مع مسؤولين في المخابرات المغربية يوم 13 أفريل 1993 قبل أسابيع من زيارة خالد نزار المذكورة أعلاه.
وحسب شهادة عبد الحق العيادة فإن المغاربة طلبوا منه تجنيد بعض الطلبة الصحراويين الدارسين بالجزائر والمُقيمين بمخيمات اللاجئين الصحراويين على أساس أن يتم نقلهم إلى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية للقيام بعمليات إرهابية يتم اعتقالهم بعدها واستغلالهم إعلامياً لضرب مصداقية جبهة البوليساريو واتهامها بالوقوف وراءهم وبالتنسيق مع المجموعات الإرهابية.
وأضاف أن السلطات المغربية وعدته في حالة قبوله بالتعاون معها بأن توفر للجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" أسلحة وأموال ودعم أنشطتها الإرهابية في الجزائر لزعزعة الأمن والاستقرار هناك.
وحسب الخطة المغربية التي كشف عنها عبد الحق العيادة فإن هدف المغرب كان هو "ضرب مصالح جبهة البوليساريو في الجزائر"، مشيراً أنه تلقى وعودا بمقابلة وزير الداخلية المغربي، إدريس البصري، في حالة موافقته على الخطة مؤكداً في ذات الوقت أن الأمن الملكي أخبره أنه ليس رهن الاعتقال وإنما هو ضيف يرغبون في تعاونه وإلا سيكون مُخيّراً بين السجن بسبب الهجرة غير الشرعية أو إبعاده إلى الجزائر، وهو ما تم في 02 أوت 1993.
ـ محاولة المخابرات المغربية توريط شاب صحراوي في مخطط جهنمي:
غير أن هذه ليست القصة الوحيدة التي تثبت لجوء المخابرات المغربية للتلاعب بالارهاب في محاولاتها تشويه صورة كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال.
وهنا يمكن الرجوع إلى قصة معتقل سياسي صحراوي إسمه محمد الديحاني، محتجز حالياً في سجن سلا2، والذي صرح أنه تعرض للتعذيب والابتزاز من طرف المخابرات المغربية لستة أشهر، حيث حاول ضباط المخابرات إرغامه على التعاون معهم في عمليات إرهابية يقومون بها بمدينة العيون المحتلة وإيطاليا وينسبونها له ولجماعة إرهابية مختلقة ويتم ربط الموضوع كله بجبهة البوليساريو.
ويبدو أن المعتقل قد تعرض للتعذيب والمعاملات المهينة للكرامة في زنازين سجن "تمارة" السري جنوب مدينة الرباط منذ اختطافه يوم 28 أبريل 2010، ولعشرة أيام متواصلة، قبل أن يعرض عليه جلادوه أن يتعاون معهم.
وقبل محمد أن يتعاون أول الأمر، معتقداً أن الموضوع يتعلق بالحديث عن قناعاته، وتقديم أي معلومات، لكنه فوجئ في اليوم الموالي بتغير تعامل الجلادين معه، حيث قدم له الطعام، وسمح له بتنظيف نفسه إلى غير ذلك، ليجد نفسه في غرفة مع مجموعة من الأشخاص بلباس مدني، وأمامهم على الطاولة جوازات سفر مزورة، ومبالغ هائلة من المال، وبعض الأسلحة.
وكم كان رعب محمد كبيراً حين سمع من أفواه هؤلاء المسؤولين المغاربة وعناصر المخابرات عن الفكرة الجهنمية التي يحيكونها له؛ لقد طلبوا منه أن يتعاون وأن يقبل بإصدار بيانات باسمه على أساس أنه إرهابي صحراوي، في حين يتكفلون هم بتنفيذ عمليات إرهابية في العيون المحتلة ضد مقر بعثة الأمم المتحدة، وضد بعض الزوار الأجانب، وضد السجن لكحل، وضد الحزام الناقل للفوسفات إلى آخر ذلك من العمليات التي كانت ستـُودي بحياة الكثيرين.
ورغم الضغط والتهديد، رفض محمد الديحاني نهائياً القبول بالمشاركة في هذه الجرائم، وفضل أن يعود للتعذيب وسوء المعاملة على هذا الإنتحار؛ وفعلا أعيد للتعذيب وظل يعاني منه في سجن تمارة ستة أشهر، إلى غاية يوم 29 أكتوبر 2010، حيث تم تسليمه للشرطة القضائية المغربية، ونقله لسجن سلا2 على أساس أنه اعتقل في ذلك اليوم.
وفي نفس السياق يمكن أيضاً وضع عملية اكتشاف أسلحة في أمغالا في الجزء الذي يسيطر عليه الجيش المغربي يوم 05 نوفمبر 2011، أسبوعا واحداً بعد تقديم محمد الديحاني للمحاكمة، والتي حظيت بتغطية إعلامية غريبة وغامضة في نفس الوقت أعلنت فيها وكالة الأنباء المغربية عن اعتقال 27 شخصاً متورطاً، ثم انتهت العملية كما بدأت دون المزيد من المتابعة.
ـ جماعة التوحيد والجهاد في افريقيا الغربية صنيعة المخابرات المغربية:
ويُمكن ربط ما تعرض له محمد الديحاني من ضغط باختطاف ثلاثة متعاونين أجانب من مخيمات اللاجئين الصحراويين يوم 23 أكتوبر 2011 من طرف مجموعة إرهابية مجهولة وجديدة على ساحة الإرهاب، تـُشير كل المؤشرات على خدمتها المصالح المغربية مما يُرجح الرأي القائل باحتمال ارتباطها بالمخابرات المغربية التي يبدو أنها نحت في النهاية في تشكيل المجموعة الإرهابية التي عجزت عن اقناع محمد بادعاء قيادتها.
هذه المجموعة التي تسمى جماعة التوحيد والجهاد في إفريقيا الغربية لم يكن لها وجود قبل عملية اختطاف المتعاونين الثلاثة من مخيمات اللاجئين الصحراويين، ولم يعلن عنها أصلاً قبل أن تـُعلن جماعة القاعدة في المغرب الإسلامي عن براءتها من هذه العملية الإجرامية، وهو ما أرغم المخابرات المغربية على استعمال تأثيرها الإعلامي على وكالة الأنباء الفرنسية التي ستصبح الناقل الوفي والحصري تقريبا لكل تصريحات وأخبار هذه المجموعة منذ ذلك التاريخ.
المجموعة التي تقول أن هدفها هو الدفاع عن الاسلام في إفريقيا الغربية ليس لها أي نشاط إرهابي إلا ضد مصالح الشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو، وأيضاً الدولة الجزائرية، حيث أنه ثبت تورط المجموعة في اختطاف دبلوماسيين جزائريين في مالي، وهجومين على الأقل ضد الدرك والجيش الجزائري في تمنراست وورقلة.
دليل آخر أثبت علاقة هذه الجماعة الإرهابية بالمغرب تمثل في لجوء إسبانيا للحكومة المغربية وحليفتها بوركينافاسو من أجل الوساطة لدى الإرهابيين لإطلاق سراح المتعاونين الثلاثة الذين قضوا 09 أشهر رهن الاختطاف في شمال مالي، والغريب أن الجماعة اشترطت على الدولة الاسبانية أن تسحب كل متعاونيها الإنسانيين من مخيمات اللاجئين الصحراويين وإلا قامتْ بمهاجمتهم واختطافهم مرة أخرى.
وهنا يثبت تورط هذه الجماعة مع الرباط وخدمتها لأنشطة المخابرات المغربية التي تستعمل سيطرتها على تجارة المخدرات، وجرائم التهريب المنظم بشمال إفريقيا لتمزجها بالعلاقة مع المجموعات الإرهابية والإجرامية بشمال مالي من أجل ضرب جبهة البوليساريو والجزائر.
إن استعمال المخابرات المغربية الإرهاب لضرب المقاومة الصحراوية هو أمر واقع يجب الإنتباه له بشكل جدي لأنه ليس وليد اليوم بل هو مجهود يبذل المغرب قصارى جهده لتحقيقه من أجل ضرب مصداقية جبهة البوليساريو بعد أن عجز عن تركيعها سياسياً أو على طاولة المفاوضات؛ كما أن احتمالات تورط الأجهزة الفرنسية في الموضوع كبيرة، غير أن المشكل الأساسي دائماً يكمن في صعوبة الحصول على أدلة دامغة تؤكد هذه الاستنتاجات وغيرها عن تورط مخابرات الرباط مع شبكات الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات والهجرة السرية.
ولا نستبعد بتاتا أن يرتكب المغرب حماقات جديدة ومتكررة باستهداف أصدقاء الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين الصحراويين، بل وقد يصل اليأس بالمخابرات المغربية درجة استهداف مواطنين صحراويين بمخيمات اللاجئين، أو قيادات صحراوية لبث الرعب وفي نفس الوقت استغلاله من أجل تثبيط همم وعزائم المقاومين؛ فالأكيد أن استمرار وجود مخيمات اللاجئين الصحراويين رغم كل المعاناة هو أمر مزعج ليس للمغرب فحسب، بل ولحلفائه وعلى رأسهم فرنسا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق