لشعبنا الأبي في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وجنوب المغرب، وفي كل مواقع الفعل والنضال تجربة وخبرة طويلة في أقبية التحقيق وزنازين الاعتقال المغربية (آكدز، قلعة مكونة، درب مولاي علي الشريف، بولمهارز، بن سركاو، البيسي سيمي، الحبس لكحل، ثكنة البير) بدأ بتجميعها مُنذ بداية الإجتياح في 31 أكتوبر 1975 إلى الآن.
كذلك فإن للإحتلال المغربي مدرسته العنصرية الجهنمية، ولرجال مُخابراته وسُلطاته الإرهابية أساليبهم الدنيئة أيضاً في التحقيق مع المعتقلين واستخدام مختلف الوسائل للحصول منهم على معلومات، الهدف منها تثبيت إدانتهم بالتهم الواهية الملفقة الموجهة إليهم ظلماً وعُدواناً، ثم استعمال المعلومات التي يحصُلون عليها في التحقيق لكشف جوانب العمل النضالي الحضاري السلمي المتعلقة برفاقهم، ومُحاربة المناضلين الصحراويين بصفة عامة، وإحباط عزائمهم وثنيهم عن المُطالبة بحقهم المشروع في تقرير المصير والحرية والإستقلال.
ومن أجل تثقيف وإطلاع المناضلين الصحراويين بالمناطق المحتلة من وطننا العزيز، قمتُ باستخلاص مجموعة من المفاهيم والقواعد اقتبستها من صفحة على الموقع الإلكتروني "منتدى شباب الإسلام" عن مجموعة من الأسرى الذين خبروا التحقيق والسّجون قبل عدة سنوات، والذين أصدروا كتاباً في الموضوع بعنوان "فلسفة المواجهة وراء القضبان"، كما أنني قمتُ بالإستعانة بتجربتي الشخصية داخل مخافر المُخابرات المغربية وجلاديها، وكذلك استعنتُ ببعض شهادات المناضلين والمناضلات من الصحراويين الذين مرّوا من نفس التجربة.
وبدوري تصرفتُ فيما جاء في الصفحة وقمت بتعديله ـ طبعاً بعد تأكدي من عدم وضع أي حقوق ملكية على الدراسة التي قام بها كاتب الموقع المذكورـ كما قمتُ بتطبيق الدراسة على الواقع الذي يعيشه الصحراويون تحت سيطرت الإحتلال المغربي، وما يُلاقونه في أقبية الزنازين، ومخافر الإستخبارات.
ونلفتُ انتباه المُناضلين الصحْراويين، إلى أن قوات الإحتلال المغربي ومُخابراته قد يلجؤون إلى أساليب أخرى غير التي وردت هنا، نظراً لتمرّسهم وإبداعهم وتبادُلهم الخبرات في مجال التعذيب والتحقيق، لكننا نؤكد أن قراءة هذا الإقتباس المُبسّط، ستساعد بحول الله في أن يُدرك المُعتقل الصحراوي ما يدور حوله خلال التحقيق، وحجم ما يُمكن أن يتعرّض له، ليستطيع بعد ذلك حماية نفسه من الإنهيار والإستسلام.
- خطوات الاعتقال:
• قد يُداهمون بيتك، أو مقر عملك، أو يعتقلونك من الشارع بينما كنت تحمل علماً وطنيّاً، أو تكتب على الجدران، أو توزع مناشير، أو بينما كنت وسط مظاهرة، أو قد يعتقلونك حتى وأنت تتجول تجوالاً عاديّاً؛ وإذا طلبُوا منك أيها الرفيق التوقيع على أية ورقة، فلا تفعل ذلك، وإن أجبروك على ذلك فلا بأس، ولكن عندما يُقدمونك إلى محكمتهم الصورية لا تـُقرّ فيها بتوقيعك، وأعلن أمام المُراقبين والمُحامين الدوليّين أنهم انتزعوا منك ذلك رغماً عنك تحت الضرب والتعْذيب والتهديد.
• تأكد بأنهم عند اعتقالك سيدفعُونك بعنف إلى داخل السيارة، وربّما يُلقوك في صندوقها الخلفي، وربّما يُمدّدونك تحت أرجلهم، وينهالوا عليك بالضرب، ويدُوسُون عليك، كما أنهم سيضعون عصابة (البانضة) على عينيك، ويكبلوا يديك ورجليك، وسيجولون بك لساعات طويلة داخل السيارة دون أن تعرف أين أنت، حتى يصلوا بك إلى مكان الاعتقال، دون أن يخلوا الأمر من السب والشتم بأقبح الكلام.
• سيُسلمُونك إلى الجهة التي ستكون مسؤولة عنك خلال التحقيق، حيث يُفك قيدك - مؤقتاً - دون أن تنزع البانضة عن عينيك، وفي بعض الأحيان قد ينزعونها عنك قليلاً، وعندها احرص أيّها الرفيق على التعرف على من حولك من المُحققين والجلادين ولا تفوّتْ ذلك لما فيه من الأهمية البالغة مُستقبلا، ثم سيقومون بخلع ملابسك، ومصادرة أغراضك، وبعد ذلك مباشرة أو بعد حين، ستسْمع منهم من الكلام ما لا تستطيع أذناك تحمله، وتجد عندهم من الضرب والركل والصفع ما لا يستطيع جسمك تحمله، ثم يخرجون بك وأنت مُعصّب العينيْن ويُعلقونك من رجليْك فيما يُعرف بـ "الطيّارة"، ويكبلون يديك وراء ظهرك ويكبلون رجليك ويضعون عصاً يُعلقونك بها من يديك ورجليك فيما يُعرف بـ "الدجاجة المشوية"، ثم ينزلونك ويضعون على وجهك خرقة مبللة كريهة الرائحة حتى يُغمى عليك فيما يُعرف بـ "الشيفون"، وبعد استعادتك الوعي قد يفكون وثاقك دون نزع "البانضة" عن عينيك، ثم يرجعونك للإستنطاق مع الركل والصفع والسب والشتم.
• سيُعادُ تكبيلك، وتـُنقل إلى الزنزانة مع الضرب والسب والشتم، وللوصول إلى الزنزانة، يسيرون بك مسافات طويلة جداً، ويركبونك في مصاعد ويهبطون ويصعدون أدراجاً مُتكرّرة، ولا تسمع أيها الرفيق إلا << أحْسبْ الدْرُوجْ ليمّاكْ >> مع الضرب المُتواصل على الرأس، لخلق حالة من الضياع والتهويل لديك، حيث أنهم يدورون بك في دوائر محددة، لا تلاحظها بسبب البانضة على عينيك، وبسبب كثرة الصّعُود والنزول.
• سيضربونك ويشتمونك قبل بدء التحقيق بطرق مختلفة، ويُسْمعونك أنين وصراخ بعض المعتقلين من رفاقك، وقد يفتحون عينيك في بعض الغرف لترى بعضهم في حالات مُزرية، ولترى أيضا أدوات التعذيب.
• ستـُمْنعُ من الكلام ورفع الصّوت إلا مما يريدون هم منه، وستمنع من الصلاة، ومن تحدّيهم بترديد الشعارات الوطنية المعهودة لديك ليُحافظوا على هدوء سجْنهم، ويُضفوا عليه الرّهبة بالصوت الوحيد لطاقات زنازينهم التي تفتح وتغلق كلما مرّوا بمعتقل من الممرات.
• لا تنس أيها الرفيق ذكر الله حتى ولو في قلبك عند منعك من ذلك، وحاول استغلال غفلة الحرس في أداء صلاتك، واستغل فترة أوقات رفع صوتهم بالمُزاح مع بعضهم أو غير ذلك برفع صوتك بذكر الله وببعض الآيات والعظات تثبت بها رفاقك المعتقلين معك، واقصُصْ عليهم ما تركته بالخارج من أعمال نضالية قبل اعتقالك تـُقوّي بها عزائمهم وتكسر بها حاجز الهدوء المُصطنع.
• لا تتفاجأ إذا لم يبدأ التحقيق معك في اليوم الأول أو الثاني، واعلم أن الزمن يفقد قيمته عندهم، إلا إذا كانوا هم في عجلة من أمرهم؛ كل شيء هناك بطيء، فلا تتأثر نفسيّاً وحافظ على ثباتك وصلابتك التي دفعتك إلى بذل روحك في سبيل الوطن وعزته.
• كن على علم تام بأنهم لن يذكروا شيئاً من أعمالك البُطولية النضالية التي اعتقلوك على خلفيتها، التي صرّحت لهم بها أثناء التحقيق، ولا تتفاجأ إذا وجدتهم قد أدانوك بالمُتاجرة في المخدّرات، والمساس بالأمن العام، والإعتداء على الممتلكات العامة... وغير ذلك من التهم التي لا علاقة لك بها.
- بدايات التحقيق:
• يقودونك من الزنزانة معصُوب العينين، مكبل اليدين، محاطاً بالعديد من رجالات قواتهم، يدفعونك ويجُرّونك بهمجيّة مع وابل من الضرب المُبرح والسبّ والشتم.
• سيمرّرُونك خصّيصاً في مناطق تسمع فيها أصوات عذاب وآلام رفاقك من المعتقلين، وأصوات جلاديهم يسبّونهُم ويشتمُونهُم.
• قد يكون من حقك أن تنام وتأكل وتشرب وتستعمل المرحاض، ولكن هذه الحُقوق ليستْ مضمونة أبداً، فسيمنعُونك عنها أحياناً وقت ما يشاءون، ويستعملونها للضغط عليك ولمُضايقتك، وخصوصاً حق النوم؛ و لكن عليك أيها الرفيق بالصّمود.
• تعوّدْ أيها الرفيق على زنزانتك، وتآنس فيها بعبادة ربك وذكره "أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، ثم تناقش مع رفاقك في الزنزانة حول قضيتك وإثارة مُسْتجدّاتها وأخبارها، فتأكد أن زنزانتك هي بر الأمان المرحلي لك، وفيها ستعزل عن العالم وعن أخباره، إلا من قضيتك وإيمانك الراسخ بها.
• سيُسمعونك هم بعض الأخبار التي يُريدونها، وستكون كاذبة خصوصاً منها المتعلقة بقضيتك الوطنية، وكثيراً ما تسمع منهم السّخرية من الشعب الصحراوي وممثله الوحيد والطلائعي "جبهة البوليساريو" وغير ذلك من أكاذيبهم، فإيّاك أن تثق بهم، وإياك أن تشعر مع رفاقك المُناضلين بالإحباط أواليأس، أو أنكم أصبحتم وحيدين، بل تذكروا دائما أن الله معكم، وأنه سينصركم، وتذكروا أن رفاقكم في الخارج لم ولن ينسوكم أو يغفلوا عنكم طرفة عين، وأن النضال والعمل من أجل الإستقلال لن ينقطع باعتقالكم، وأن شعبكم وأهلكم ورفاق دربكم يهمّهُم ويرفع معنوياتهم ثباتكم وصمودكم، ويفعلون المُسْتحيل لنصرة القضية وتحرير الوطن ثم تحريركمْ.
- ثم تبدأ مراحل التحقيق:
إنسان ذو قضية، مُناضل مؤمن بعدالتها، إبن شعب صلب وعنيد، معزول لا يملك سلاحاً إلا إيمانه بأن الله معه وكفى بذلك سلاحاً يقهر به الجبابرة، وثباته واحتماله وصموده عزة له ولدينه ثم لقضيته، وأن الله لا يضيع ذلك له، وهذا هو أنت في مواجهة موظف ينتظر راتبه في نهاية الشهر بلا عقيدة ولا قضية ولا مبدأ، يستمد قوته من رتبته وجدران قلعته، ومن أسلحة آلاف الجنود الذين يُحيطون به، دون أن يكون لهم أي شأن معك، ومن صلاحيّات محددة له لا يستطيع تجاوزها، وهذا: هو المخابر المغربي الجلاد المحقق.
فتارة يُحقق معك في غرفة يجلس فيها المحقق إلى مكتب، وربّما حقق معك وأنت واقف أمامه بعيداً عن المكتب كي لا تنظر إلى أوراقه بعد نزع العصابة، في حال سمحُوا بنزعها عن عينيك (وذلك نادراً ما يحدث)، وربما أجلسك على كرسي مُقابل له بعيداً عن مكتبه، وربّما يُحقق معك في ساحة التعذيب ويتعمد أن يُريك العصي المكسرة على أرجل بعض الرفاق المناضلين، والعصي الأخرى التي تنتظرك وأدوات التعذيب ويتجاذبُك رجال قواتهم، ويسبّونك ويُهددونك، ويتوعدونك بالقتل والإغتصاب كي يُدخلوا الخوف إلى نفسك، فلا تخشهم أيها الرفيق، وتذكر أنهم جميعا ذباب ولا يُساوون عند الله جناح بعوضة، لأنهم لا مبدأ لهم ولا عقيدة ولا غاية إلا راتبهم ورضى ملكهم وأسيادهم.
لا تخش كثرتهم فهم همجُ الورى، وتأكد أنك أعظم منهم في نفوسهم، فهُم يعرفون في قرارات أنفسهم حقارتهم ويعلمون عزتك وإن كتمُوا ذلك عنك، لأنك صاحب قضية عادلة وصاحب مبدأ، وأنك مهما كنت وحيداً فأنت عزيز بهذه القضية وهذا المبدأ، ولذلك فهم مهزومون نفسياً أمامك، وإن قلوا أدبهم وتطاولوا عليك إرضاءً لملكهم وأسيادهم.
- التحقيق والمُحققون:
• أيها الرفيق اعلم أن الامتناع عن كتابة الإفادة بداية التمرّد والتحدّي، وأنه حتى في حال إجبارك عليها عند ما يُسمونه "الضبْطيّة القضائية" فإنك تستطيع إنكار كل ذلك في محكمتهم (مع العلم بأن هذه الأخيرة صُورية وما هي إلا مسرحية من مسرحياتهم)، إلا أنك يجبُ أن لا تنس أنه قد يوجدُ بها مراقبُون أجانب مُوالون للحق.
• تأكد أيها الرفيق أن كل المعلومات مهما صغرتْ أو بدتْ لك تافهة، تكون هامة بالنسبة للمحقق، وأنها غايته، وقد يصل بها إلى ما لم يكن يخطر لك على بال.
• تذكر أيها الرفيق أن للتحقيق نهاية مهما طالتْ مُدّته، وأنه سيُصبح ذكريات من الماضي، فاجعله ينتهي دون اعتراف ودون استسلام، واجعل منه ذكريات لا تنسى تفخر بها مدى الحياة.
• أيها الرفيق في أول لقاء، يكون المحقق قد جمع عنك بعض المعلومات، فتنبه، هذا لا يعني أنه يعرفُ عنك كل شيء، لكنه يُحاول أن يُوحي لك بذلك خلال التحقيق؛ تأكد أيها الرفيق بأنه لا يستطيع معرفة وضعك النفسي، لكنه يُحاول أن يفهمه من تصرفاتك وردود أفعالك؛ إنه لا يعرفك، ومن أهدافه الحقيقية التعرف على شخصيتك لفهمها، وهو بحاجة لهذه المعرفة لبناء خططه لمُهاجمتك وتفسيخ ثقتك بنفسك لإيصالك إلى الطاعة والتعاون؛ أيها الرفيق إنه لا يعرف إن كنت ستصمد أو تنهار، فاخلق عنده فكرة صُمُودك وصلابتك من البداية، ولا تقدّمْ له ما يُريد.
• أيها الرفيق لا تنس أن رجل التحقيق مُخابرٌ موظفٌ بأجر، ويعتبر التحقيق معك عملاً روتينيّاً، وقوته نابعة من صلاحياته لا من شخصيته وأنه يمل ويتعب، بينما تمثل أنت القطب المقابل، وقوتك ناتجة عن إيمانك بقضيتك ونبل مبادئك، كما أنك مناضل ومجاهد مأجور إن شاء الله من المولى عز وجل المُطلع على أحْوالك في كل لحظة، في الزنزانة، وفي الساحة، وفي مكاتب التحقيق، ولذلك فأنت تنتظر أجره وحده ولا تنتظر أجراً من أحد من البشر، لهذا كن أقوى لأنك فعلاً أقوى.
• أيها الرفيق تأكد أن الصراع بينك وبين المحقق لا يُحسم إلا في نهاية التحقيق، وحسمُه يعتمد على صلابتك، ونجاح المحقق يعني سيطرته عليك وعلى رفاقك، وعلى قضيتك، فحذار أيها الرفيق المناضل اثبتْ وتثبّتْ، واحذر أن تؤتى القضية من جهتك.
• تذكر أيها الرفيق دائماً أن المُحقق لا يُمكن أن يكون صديقاً، ولا رءوفاً بك، فهو وحش وقبل أن يكون وحشاً هو عدو محتل، لكن تذكر أنه قادر بحكم صلاحيّاته، أن يُبدّل لونه وأسلوبه، فلا تثقْ بوُعُوده وعُهوده وإيّاك أن تصدقه وتسلم بكلامه ولو حلف لك الأيمان المغلظة، فليس أيها الرفيق للعدو المحتل عهدٌ ولا وعد.
• لا تقاطع المحقق أبداً خلال التحقيق أيها الرفيق، فهو لا يعنيك، وأظهر له بصمْتك أنه لا يعنيك، فاعلم أيها الرفيق أنه سيحس بأنك غير مُبال، وهذا ما يزيد من احتقاره لنفسه، حتى وإن لم تلاحظ ذلك عليه.
- فشل ونجاح المحقق:
• لا تحْزن أيها الرفيق المناضل أو تـُغير طريقتك إذا اكتشفوا أنك "تكذب" أو تراوغ ولوْ وصفوك بالكذاب أو غير ذلك من أوصافهم للمناضلين الصحراويين، فأنت أيها الرفيق لا يهُمك احترامهم، بل يهمك أن لا تؤتى القضية الوطنية والمبادئ ورفاق دربك من قبلك؛ وثق تماماً أنهم في قرارات أنفسهم يحترمون صمودك وثباتك ولو كذبت عليهم، وأنهم يحتقرون من يُفشي أسرار رفاقه ويسلمُهم لهم.
• إذا اجتزت أيها الرفيق التحقيق بسلام فتأكد بأنك ستزداد صلابة وقوة واحتراماً.
• أيها الرفيق، إذا فشل المحقق في نقطة ما، فهو أكيد سيعُودُ للتجربة مرة أخرى، ودائماً يُحاول المحاولة الأخيرة، فاجعلها تفشل معه أيضاً كما فشلت الأولى.
• إذا استبدلوا أيها الرفيق مُحققاً بعد فشله معك بمحقق آخر، فتأكد بأن هذا يحصل بسبب نجاحك وقوة عزيمتك وإرادتك، والمُحقق الثاني سيبدأ ضعيفاً بسبب فشل الأول، فضاعف من صمودك، لأن المُحققين يتراجعُون أمام مناضل مؤمن بمبادئه صلب لا يلين.
• وسائل المحقق تجريبيّة، وأنت هو أيها الرفيق المُناضل من يُقرر فشلها أو نجاحها.
• عند فشل التحقيق مع أحد المناضلين الصامدين، قد يُدفع به إلى السجن مع موقوفين آخرين، وقد تتاح له فرصة الاحتكاك مع مناضلين آخرين بوجود بعض الجواسيس والعُملاء، فحذار أيها الرفيق فربما يكشف خلال الحديث معهم بعض المعلومات السّرية التي عجزوا عن كشفها خلال التحقيق.
- مُجْريات وأساليب التحقيق:
• المُحقق يعمل دائماً وفق طرق محددة ومنهج محدد، وليس لديه مبادرات ذاتية، ويحاول أن يظهر لك أيها الرفيق أنه عالم نفس ليضمن تفوقه عليك، بينما أنت حُر في اختيار وسائلك، فأفشل طرقه وتمرد، وابق دائماً متفوقاً عليه.
• يقول المحقق لك أنه قادرٌ على إطالة التحقيق كما يريد وهو كاذب بذلك، لأن صلاحيّاته محدودة، وهو ليس حُرّاً ليفعل ما يُريد، ويدّعي أن رضاه عنك هو الخير لك؛ إنه يكذب أيها الرفيق، وعندما تصدقه في أية مرحلة، فإنك حتماً ستقع في المصيدة.
• قد يفتح المحقق معك أيها الرفيق، بعض المواضيع الهامشية والعامة، وقد تكون أحياناً خارج الموضوع، فحذار إنه يمكن أن يستنتج منها بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من المناضلين دون أن ذلك.
• وإذا رآك متشدداً في البوْح بأسرار بعض اللقاءات والجلسات، ربما حاول أن يسألك أيها الرفيق عن بعض الأسئلة التافهة في نظرك مثل نوع الطعام أو الشراب الذي أكلتموه أو شربتموه في الجلسة، فحذار ثم حذار أن تتساهل بهكذا معلومات، وحاول تضليله حتى فيها لأنها إن كانت صحيحة فسيُوقعُ بها غيرك من الرفاق ويلجئه للإعتراف بالمعلومات المهمة التي رفضت أنت الإعتراف بها، وذلك بأن يُوهمه أنه يعرف كل شيء دار بتلك الجلسة حتى الشراب الذي شربْتموه فيها أو الطعام المحدد الذي أكلتموه؛ فرُبّما تنطلي تلك الكذبة على رفيقك وينهار ويعترف بما يريده المحقق ظاناً أن من سبقوه اعترفوا بكل شيء، ولم يكتموا حتى نوع الشراب أو الطعام، والحقيقة أنه هو الذي وقع في المصيدة، فتنبه أيها الرفيق لهذه المصيدة، وإياك أن تفرط بأية معلومة ولو كانت تافهة في نظرك، فاعلم أنه لا يُوجد شيءٌ تافه في التحقيق.
• أيها الرفيق إن المُحقق يعُودُ للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، ليُوقعك في الخطأ والتناقض، فكن حذراً.
• يجب ألا يُخيفك أيها الرفيق أو يُقلقك إحضار الأقارب واستعمالهم للضغط عليك خلال التحقيق، بل ربّما يدّعون أنهم اعتقلوا إخوانك بل وزوجتك وأولادك وغير ذلك من أساليبهم القذرة، فلا تكترث بذلك وتوكل على الله فإنه سبحانه لن يُخيّبك.
• سيتبادل الأدوار في التحقيق معك أيها الرفيق، مُحققون شرسُون، وآخرون يظهرون لك على أنهم لطفاء، فعليك ألا تنخدع وألا تكترث بذلك، ولا تتعامل مع أي منهم على أساس أنه لطيف معك، فهم جميعاً مُجرمُون وهم في داخلهم جميعاً مُتشابهون وهدفهم واحد، هو إسقاطك؛ ولن يرضوا عنك أبداً حتى تبيع قضيتك ونضالك، وتصير ذنباً لهم وسيحتقرونك بذلك حتى وهم راضون عنك.
• أيها الرفيق المناضل قد يلجأ المحقق إلى تبسيط التهمة وتقليل شأن عواقب اعترافك وأنه سيسُاعدك، ويدّعي أن ما يقوم به ليس تحقيق ولكنه مجرد دردشة أو عمل روتيني لإقفال الملف. فكن حذرا لأنه بذلك يريد أن يصطادك، فلا تـُصدقه أبداً.
• قد يُحاول المحقق أيها الرفيق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويُوهمك أن التحقيق هو نهاية المطاف، وأن تعاونك هو خلاصك؛ فحذار أيضاً فإنه بذلك ينصب لك مصيدة ليُوقع بك.
• سيلجأ المحقق أيها الرفيق المناضل إلى التشكيك بنبل القضية الوطنية وعدالتها، وبالمناضلين، والطعن بقيادتك ورفاقك، وبشهداء الوطن، وزعزعة علاقتك مع الرفاق المناضلين، بكل وسائل التشكيك الممكنة، فلا تسمح له بذلك، ولا تصدقه إذا قال أن رفاقك هم الذين وشوا بك، ولتكن إجابتك إمّا الصمْت، أو الإصرار على عدم وجود علاقة لك بهذا التنظيم أو أولئك الأفراد، أو قم بالترحم على شهداء الوطن، وامدح المُناضلين وأظهر الإحترام لهم ولأعمالهم البُطولية دون الاعتراف بوجود أي علاقة لك معهم.
• من وسائل المحقق أيضاً أيها الرفيق البطل، الاستخفاف بالمناضل قائلا له "أنت لا شيء.. أنت صحراوي.. أنت عبارة عن عدم" ونحو ذلك من الإهانات والسّباب الفاحش والبذيء المُمتلئ به قامُوسهم النتن، فتحمّل أيها الرفيق الإهانة لأن القصد منها استفزازك فقط، وجرّك إلى الإعتراف.
• لا يحترم المحققون أية عقيدة أو دين أو مبادئ، ولذلك أيها الرفيق قد يدسون عناصر مخابراتية في ثوب صحراوي، أو محققين قد درسوا وفقهوا اللهجة الحسّانية جيداً، بل وربما يُرسلون لك صحراويين فعلاً عملاء عندهم، وذلك لتشكيك المُعتقلين بجواز ما يفعلون، وما يُقدّمُون من تضحيات للقضية الوطنية العادلة.
• قد يضربك المحقق لأي سبب تافه أيها الرفيق، أو إذا جلست أو وقفت، وتأكد بأن السبب الحقيقي للضرب يكون إما إحساسُه بالفشل، أو إحساسُه أنك تخاف من الضرب، فيُحاول أن يُجْبرك على الطاعة والتعاون بالقوة.
- من وسائل المحقق:
• عزلك عن العالم وعن الآخرين، والإيحاء لك أن التحقيق أبدي، والتهديدات المختلفة والأسئلة السريعة المتلاحقة والشتائم والضرب على أماكن حساسة والشبْح والتعليق من الأرجل، والوقوف عدة أيام وليالي والحرمان من النوم عدة أيام، كل ذلك لخلق انفعالات لديك، تؤدّي إلى إرهاق الدماغ، الذي يُؤدي إلى إضعاف النشاط المخي الواعي، والإخلال بالتوازن الجسماني، إلى درجة تجعل الدماغ يتوقف تلقائيّاًّ عن النشاط والعمل للاستراحة ولو لعدة ثوان، ويضعف الدماغ خلال هذه الاستراحة التي يحاول المحقق توصيله إليها، لاستغلالها بالانقضاض على شخص منهك، والضغط عليه وابتزازه لأخذ المعلومات منه... لا تستسلم أبداً أيها الرفيق المناضل ولا تخفْ من هذه الحالة لأنها حتماً ستزول، ولا تتحدث خلالها مع المحقق، بل اذكر الله واعتصم به وتذكرْ قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وتذكرْ أن رفاقك المُناضلين يهمهم صُمودك ويعتمدُون عليْه.
• يستعمل المحقق أيضاً لغايات إرهاق الدماغ، الأساليب العصبية مثل: الضرب بشدة على الرأس ورؤوس أصابع اليدين والقدمين والشفاه والآذان والأعضاء الجنسية وشد الشعر، كما ينقل الضرب من مكان إلى آخر بشكل مستمر لإثارة جوّ من الإرهاب والتشكيك والإرهاق للدماغ، والمؤثرات النفسية؛ كل ذلك له نهاية، فهو إنسان ويمل كما تمل، ويتعب كما تتعب، ويألم كما تألم، ونهايته تعتمد على صُمودك أنت فقط.
• تذكر أيها الرفيق البطل أنه على المحقق في النهاية، أن يُقرّر إما أن المعتقل بريء، أو أنه ثابت على مبادئه وإيمانه بعدالة قضيته ونبلها، أو أنه صامد مُصمم على عدم قول أي شيء حتى بوجود الأدلة والمواجهات، أو أنه ضعيف خائن لرفاقه، إنها الخيارات الأربعة الوحيدة أمامه، فلا تكن رابع هذه الخيارات.
- الصمود والتعذيب:
ومهما كانت ثقافة المعتقل وعلمه، فالصمود ممكن، لأن الصمود لا يحتاج إلى شهادات جامعية أو نحوها.
- للصمود والتغلب على الانهيار:
• ثق دائماً بالله وبأنك عبدٌ من عباده، وأن الأعداء المُحتلين ما نقموا منك إلا لنصرتك لقضيتك العادلة ومبادئك الراسخة، وتذكر أيها الرفيق قبل التفكير بمصيرك، أن صمودك يثبت رفاقك المناضلين في الداخل والخارج، ويجنبهم الاعتقال الذي يتعرضون له بسبب اعترافك، وتذكر من صمدوا قبلك، من المناضلين والشهداء، فلست وحدك في هذه الطريق، وتذكر أن الانهيار سيجعلك جباناً خائناً يحتقرك حتى الأعداء أنفسهم.
• إذا كنت مستعداً للشهادة من أجل وطنك، وكنت تبحث عنها قبل الاعتقال، فلم تسقط خلال التحقيق أوفي المعتقل، فالشهادة بابها مفتوح هنا أو هناك، وإذا كنت قد سلكت هذه الطريق وقد جعلت نصب عينيك إحدى الحُسْنييْن "كل الوطن أو الشهادة"، فكيف تنهار أيها الرفيق تحت ضربات بعض العصي غير القاتلة، بل حتى ولو كانت قاتلة؟ وإذا حصلت على شرف الاستشهاد، وهو قليل الحصول في التحقيق، فإن الاستشهاد كان أمنيتك من قبل، وسيجعل منك قدوة في الثبات ، ورمزاً عند رفاقك.
• التحقيق هو المرحلة الوحيدة من النضال التي لا تكون فيها تحت الخطر إذا صمدت، فخطر الضرب والتعذيب أيها الرفيق البطل لا يُقارن بالرّصاص والقنابل والصواريخ التي سقط بها العديد من الرموز شهداءً لنصرة الحق، وتحرير الوطن.
• التحقيق معركة، وما يقرر نتائجها هو إرادة المُقاتل التي تعتمد على شخصيّته وإيمانه بقضيته وثباته على مبادئه، والصلابة والصمود والثبات ينالهما من الله والاعتصام به، ثم من التشبث بعهد الشهداء الأبرار، والتحلي بذلك أيها الرفيق يُعينه على الثبات ويدفع المُحقق إلى الإفلاس والهزيمة.
• تذكر أيها الرفيق أن بين النصر والهزيمة صبرُ ساعة، وتذكر قول القائل: "يا أقدام الصبر احملي بقي القليل".
• التحدي مرة يقودك إلى استمرار التحدي والانتصار، وهزيمة المحقق لا تكون إلا بالتمرد والتحدي، فواجه أيها الرفيق البطل أيّ هجمة منه بهما، فتضعفها وتحبطها.
• الضعفاء يفضلون أنفسهم على المصلحة العامة وعلى رفاقهم، ويتجنبون التحدي لضمان النجاة، لكنهم أيها الرفيق لا ينجُون بعد السّقوط والاعتراف، بل يحترقون ويحْرقون غيرهم معهم.
• إذا حدث وانهرت أيها الرفيق لأي سبب (لا قدّر الله)، فارجع للتمرد مباشرة قبل أن يتحول الانهيار إلى سلسلة انهيارات والى كارثة عليك وعلى رفاقك.
• السقوط هو فقدان كل رصيدك النضالي أيها الرفيق، وهو انتقالك إلى صف الأعداء، مع دفع الثمن أيضاً، لأنك ستدان وتحكم، ويقال عنك " أنك حتى لو لم تكن عميلا، إلا أنك اعترفت واستعملت كالعملاء"، فبذلك تكون (لا قدر الله) قد أحبطت نضال رفاقك، واعتقلوا بسببك.
• إذا اعترفت أيها الرفيق سيُعاقبُونك وسيُعاقبُون من تعترف عليهم، وإذا صمدت يُعذبونك مدة محدودة، ولا يُعاقب أحد إذا لم تتوفر الإدانة.
• إن الصّبْر أيها الرفيق مسألة إرادية وليست جسديّة، ونفاذ الصبر أيضاً مسألة إرادية، فحذار أن ينفذ صبرك.
• لا تقبل أن تشهد ضد آخرين، فالاعتقال أيها الرفيق لا يُلزمك بالشهادة على غيرك.
• حوّل أيّ مواجهة مع رفيق معتقل، إلى حافز للصمود والثبات لكما، وإذا واجهوك بمعتقل معترف، فاظهر له ثباتك، وشجّعْهُ أيها الرفيق بذلك على العودة إلى الثبات.
• ردّ الفعل الصحيح على كل أنواع التهديد هو الثبات والصّمُود، حتى على التهديد بالاعتداء على العرض، وإذا هدّدُوا أيها الرفيق بالاعتداء على أهلك، اعرف أن لهم حدوداً لا يسْتطيعُون تجاوزها، وأن هناك شعب منتفض سيحول دون ذلك، وتأكد بأن الاعتراف لحمايتهم لن يحميهم بل سيتسلطون على هذا الباب ويضغطون عليه زيادة إذا عرفوا أنه يدفعك إلى الاعتراف، فالاعتراف لن ينجيهم بل سيجعلهم ضحايا لمزيد من الاعترافات.
• تذكر أيضاً أن التحقيق هو تكثيفٌ لحالة صراع بين مناضل صاحب قضية ومبدأ، وبين رجال التحقيق وهم مُوظفون لا دافع لعملهم إلا الراتب، وإن وجد فهو الولاء والطاعة لنظام القصر الملكي الظالم، وتذكر أيها الرفيق أن الانتصار حتماً لصاحب الحق وأنك أنت صاحب الحق والأقوى عقائدياً فيجب أن تنتصر.
• التحقيق أيها الرفيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والمدارس والجامعات والسجون، ويجب أن تنتصر بها لأنها تعتمد على ثباتك وصلابتك وثقتك بالله ثم بعدالة قضيتك.
- بعض أساليب التعذيب والضغط والحرب النفسية خلال التحقيق:
• التعذيب ليس هدفاً لذاته أيها الرفيق المناضل، بل اعترافك هو الهدف من التعذيب.
• تأكد تماماً أيها الرفيق أن الأضرار الجسدية المُحتملة في التحقيق، تصيب المُنهارين والمُعترفين بنفس القدر الذي يصيبك ويضاف إليها الحسْرة والإحباط الذي يحصل مع الانهيار والاعتراف، فالصّمُود مع بعض الأضرار مع لذة الانتصار، أشرف من السّقوط مع نفس الأضرار مع مرارة ومذلة الانهيار، وربما التورط في قضايا وأحكام كبيرة بسبب الاعتراف، فاختر أيها الرفيق البطل أقل الخسارتيْن.
وأخيرا وليس آخراً.. نقول أن مُعانات الشعب الصحراوي تحت تسلط إدراة الإحتلال المغربية، سيان فيها الجنسيْن، ولا فرق بين معتقل رجل أو امرأة.. فكما قد تمارس هذه الوسائل على الرجال فإنه تمارس باسوأ منها على المرأة.. ولهذا إياك رفيقتي المناضلة الصحراوية الأبيّة من الوقوع في فخ مُحققي المُخابرات المغربية الجبانة.
ودمتم أيها الرفاق الأبطال أوفياء لخدمة القضية الوطنية عموماً.. وكل الوطن أو الشهادة.
كتب في: 11 سبتمبر 2007
بقلم: محمد هلاب
كذلك فإن للإحتلال المغربي مدرسته العنصرية الجهنمية، ولرجال مُخابراته وسُلطاته الإرهابية أساليبهم الدنيئة أيضاً في التحقيق مع المعتقلين واستخدام مختلف الوسائل للحصول منهم على معلومات، الهدف منها تثبيت إدانتهم بالتهم الواهية الملفقة الموجهة إليهم ظلماً وعُدواناً، ثم استعمال المعلومات التي يحصُلون عليها في التحقيق لكشف جوانب العمل النضالي الحضاري السلمي المتعلقة برفاقهم، ومُحاربة المناضلين الصحراويين بصفة عامة، وإحباط عزائمهم وثنيهم عن المُطالبة بحقهم المشروع في تقرير المصير والحرية والإستقلال.
ومن أجل تثقيف وإطلاع المناضلين الصحراويين بالمناطق المحتلة من وطننا العزيز، قمتُ باستخلاص مجموعة من المفاهيم والقواعد اقتبستها من صفحة على الموقع الإلكتروني "منتدى شباب الإسلام" عن مجموعة من الأسرى الذين خبروا التحقيق والسّجون قبل عدة سنوات، والذين أصدروا كتاباً في الموضوع بعنوان "فلسفة المواجهة وراء القضبان"، كما أنني قمتُ بالإستعانة بتجربتي الشخصية داخل مخافر المُخابرات المغربية وجلاديها، وكذلك استعنتُ ببعض شهادات المناضلين والمناضلات من الصحراويين الذين مرّوا من نفس التجربة.
وبدوري تصرفتُ فيما جاء في الصفحة وقمت بتعديله ـ طبعاً بعد تأكدي من عدم وضع أي حقوق ملكية على الدراسة التي قام بها كاتب الموقع المذكورـ كما قمتُ بتطبيق الدراسة على الواقع الذي يعيشه الصحراويون تحت سيطرت الإحتلال المغربي، وما يُلاقونه في أقبية الزنازين، ومخافر الإستخبارات.
ونلفتُ انتباه المُناضلين الصحْراويين، إلى أن قوات الإحتلال المغربي ومُخابراته قد يلجؤون إلى أساليب أخرى غير التي وردت هنا، نظراً لتمرّسهم وإبداعهم وتبادُلهم الخبرات في مجال التعذيب والتحقيق، لكننا نؤكد أن قراءة هذا الإقتباس المُبسّط، ستساعد بحول الله في أن يُدرك المُعتقل الصحراوي ما يدور حوله خلال التحقيق، وحجم ما يُمكن أن يتعرّض له، ليستطيع بعد ذلك حماية نفسه من الإنهيار والإستسلام.
- خطوات الاعتقال:
• قد يُداهمون بيتك، أو مقر عملك، أو يعتقلونك من الشارع بينما كنت تحمل علماً وطنيّاً، أو تكتب على الجدران، أو توزع مناشير، أو بينما كنت وسط مظاهرة، أو قد يعتقلونك حتى وأنت تتجول تجوالاً عاديّاً؛ وإذا طلبُوا منك أيها الرفيق التوقيع على أية ورقة، فلا تفعل ذلك، وإن أجبروك على ذلك فلا بأس، ولكن عندما يُقدمونك إلى محكمتهم الصورية لا تـُقرّ فيها بتوقيعك، وأعلن أمام المُراقبين والمُحامين الدوليّين أنهم انتزعوا منك ذلك رغماً عنك تحت الضرب والتعْذيب والتهديد.
• تأكد بأنهم عند اعتقالك سيدفعُونك بعنف إلى داخل السيارة، وربّما يُلقوك في صندوقها الخلفي، وربّما يُمدّدونك تحت أرجلهم، وينهالوا عليك بالضرب، ويدُوسُون عليك، كما أنهم سيضعون عصابة (البانضة) على عينيك، ويكبلوا يديك ورجليك، وسيجولون بك لساعات طويلة داخل السيارة دون أن تعرف أين أنت، حتى يصلوا بك إلى مكان الاعتقال، دون أن يخلوا الأمر من السب والشتم بأقبح الكلام.
• سيُسلمُونك إلى الجهة التي ستكون مسؤولة عنك خلال التحقيق، حيث يُفك قيدك - مؤقتاً - دون أن تنزع البانضة عن عينيك، وفي بعض الأحيان قد ينزعونها عنك قليلاً، وعندها احرص أيّها الرفيق على التعرف على من حولك من المُحققين والجلادين ولا تفوّتْ ذلك لما فيه من الأهمية البالغة مُستقبلا، ثم سيقومون بخلع ملابسك، ومصادرة أغراضك، وبعد ذلك مباشرة أو بعد حين، ستسْمع منهم من الكلام ما لا تستطيع أذناك تحمله، وتجد عندهم من الضرب والركل والصفع ما لا يستطيع جسمك تحمله، ثم يخرجون بك وأنت مُعصّب العينيْن ويُعلقونك من رجليْك فيما يُعرف بـ "الطيّارة"، ويكبلون يديك وراء ظهرك ويكبلون رجليك ويضعون عصاً يُعلقونك بها من يديك ورجليك فيما يُعرف بـ "الدجاجة المشوية"، ثم ينزلونك ويضعون على وجهك خرقة مبللة كريهة الرائحة حتى يُغمى عليك فيما يُعرف بـ "الشيفون"، وبعد استعادتك الوعي قد يفكون وثاقك دون نزع "البانضة" عن عينيك، ثم يرجعونك للإستنطاق مع الركل والصفع والسب والشتم.
• سيُعادُ تكبيلك، وتـُنقل إلى الزنزانة مع الضرب والسب والشتم، وللوصول إلى الزنزانة، يسيرون بك مسافات طويلة جداً، ويركبونك في مصاعد ويهبطون ويصعدون أدراجاً مُتكرّرة، ولا تسمع أيها الرفيق إلا << أحْسبْ الدْرُوجْ ليمّاكْ >> مع الضرب المُتواصل على الرأس، لخلق حالة من الضياع والتهويل لديك، حيث أنهم يدورون بك في دوائر محددة، لا تلاحظها بسبب البانضة على عينيك، وبسبب كثرة الصّعُود والنزول.
• سيضربونك ويشتمونك قبل بدء التحقيق بطرق مختلفة، ويُسْمعونك أنين وصراخ بعض المعتقلين من رفاقك، وقد يفتحون عينيك في بعض الغرف لترى بعضهم في حالات مُزرية، ولترى أيضا أدوات التعذيب.
• ستـُمْنعُ من الكلام ورفع الصّوت إلا مما يريدون هم منه، وستمنع من الصلاة، ومن تحدّيهم بترديد الشعارات الوطنية المعهودة لديك ليُحافظوا على هدوء سجْنهم، ويُضفوا عليه الرّهبة بالصوت الوحيد لطاقات زنازينهم التي تفتح وتغلق كلما مرّوا بمعتقل من الممرات.
• لا تنس أيها الرفيق ذكر الله حتى ولو في قلبك عند منعك من ذلك، وحاول استغلال غفلة الحرس في أداء صلاتك، واستغل فترة أوقات رفع صوتهم بالمُزاح مع بعضهم أو غير ذلك برفع صوتك بذكر الله وببعض الآيات والعظات تثبت بها رفاقك المعتقلين معك، واقصُصْ عليهم ما تركته بالخارج من أعمال نضالية قبل اعتقالك تـُقوّي بها عزائمهم وتكسر بها حاجز الهدوء المُصطنع.
• لا تتفاجأ إذا لم يبدأ التحقيق معك في اليوم الأول أو الثاني، واعلم أن الزمن يفقد قيمته عندهم، إلا إذا كانوا هم في عجلة من أمرهم؛ كل شيء هناك بطيء، فلا تتأثر نفسيّاً وحافظ على ثباتك وصلابتك التي دفعتك إلى بذل روحك في سبيل الوطن وعزته.
• كن على علم تام بأنهم لن يذكروا شيئاً من أعمالك البُطولية النضالية التي اعتقلوك على خلفيتها، التي صرّحت لهم بها أثناء التحقيق، ولا تتفاجأ إذا وجدتهم قد أدانوك بالمُتاجرة في المخدّرات، والمساس بالأمن العام، والإعتداء على الممتلكات العامة... وغير ذلك من التهم التي لا علاقة لك بها.
- بدايات التحقيق:
• يقودونك من الزنزانة معصُوب العينين، مكبل اليدين، محاطاً بالعديد من رجالات قواتهم، يدفعونك ويجُرّونك بهمجيّة مع وابل من الضرب المُبرح والسبّ والشتم.
• سيمرّرُونك خصّيصاً في مناطق تسمع فيها أصوات عذاب وآلام رفاقك من المعتقلين، وأصوات جلاديهم يسبّونهُم ويشتمُونهُم.
• قد يكون من حقك أن تنام وتأكل وتشرب وتستعمل المرحاض، ولكن هذه الحُقوق ليستْ مضمونة أبداً، فسيمنعُونك عنها أحياناً وقت ما يشاءون، ويستعملونها للضغط عليك ولمُضايقتك، وخصوصاً حق النوم؛ و لكن عليك أيها الرفيق بالصّمود.
• تعوّدْ أيها الرفيق على زنزانتك، وتآنس فيها بعبادة ربك وذكره "أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، ثم تناقش مع رفاقك في الزنزانة حول قضيتك وإثارة مُسْتجدّاتها وأخبارها، فتأكد أن زنزانتك هي بر الأمان المرحلي لك، وفيها ستعزل عن العالم وعن أخباره، إلا من قضيتك وإيمانك الراسخ بها.
• سيُسمعونك هم بعض الأخبار التي يُريدونها، وستكون كاذبة خصوصاً منها المتعلقة بقضيتك الوطنية، وكثيراً ما تسمع منهم السّخرية من الشعب الصحراوي وممثله الوحيد والطلائعي "جبهة البوليساريو" وغير ذلك من أكاذيبهم، فإيّاك أن تثق بهم، وإياك أن تشعر مع رفاقك المُناضلين بالإحباط أواليأس، أو أنكم أصبحتم وحيدين، بل تذكروا دائما أن الله معكم، وأنه سينصركم، وتذكروا أن رفاقكم في الخارج لم ولن ينسوكم أو يغفلوا عنكم طرفة عين، وأن النضال والعمل من أجل الإستقلال لن ينقطع باعتقالكم، وأن شعبكم وأهلكم ورفاق دربكم يهمّهُم ويرفع معنوياتهم ثباتكم وصمودكم، ويفعلون المُسْتحيل لنصرة القضية وتحرير الوطن ثم تحريركمْ.
- ثم تبدأ مراحل التحقيق:
إنسان ذو قضية، مُناضل مؤمن بعدالتها، إبن شعب صلب وعنيد، معزول لا يملك سلاحاً إلا إيمانه بأن الله معه وكفى بذلك سلاحاً يقهر به الجبابرة، وثباته واحتماله وصموده عزة له ولدينه ثم لقضيته، وأن الله لا يضيع ذلك له، وهذا هو أنت في مواجهة موظف ينتظر راتبه في نهاية الشهر بلا عقيدة ولا قضية ولا مبدأ، يستمد قوته من رتبته وجدران قلعته، ومن أسلحة آلاف الجنود الذين يُحيطون به، دون أن يكون لهم أي شأن معك، ومن صلاحيّات محددة له لا يستطيع تجاوزها، وهذا: هو المخابر المغربي الجلاد المحقق.
فتارة يُحقق معك في غرفة يجلس فيها المحقق إلى مكتب، وربّما حقق معك وأنت واقف أمامه بعيداً عن المكتب كي لا تنظر إلى أوراقه بعد نزع العصابة، في حال سمحُوا بنزعها عن عينيك (وذلك نادراً ما يحدث)، وربما أجلسك على كرسي مُقابل له بعيداً عن مكتبه، وربّما يُحقق معك في ساحة التعذيب ويتعمد أن يُريك العصي المكسرة على أرجل بعض الرفاق المناضلين، والعصي الأخرى التي تنتظرك وأدوات التعذيب ويتجاذبُك رجال قواتهم، ويسبّونك ويُهددونك، ويتوعدونك بالقتل والإغتصاب كي يُدخلوا الخوف إلى نفسك، فلا تخشهم أيها الرفيق، وتذكر أنهم جميعا ذباب ولا يُساوون عند الله جناح بعوضة، لأنهم لا مبدأ لهم ولا عقيدة ولا غاية إلا راتبهم ورضى ملكهم وأسيادهم.
لا تخش كثرتهم فهم همجُ الورى، وتأكد أنك أعظم منهم في نفوسهم، فهُم يعرفون في قرارات أنفسهم حقارتهم ويعلمون عزتك وإن كتمُوا ذلك عنك، لأنك صاحب قضية عادلة وصاحب مبدأ، وأنك مهما كنت وحيداً فأنت عزيز بهذه القضية وهذا المبدأ، ولذلك فهم مهزومون نفسياً أمامك، وإن قلوا أدبهم وتطاولوا عليك إرضاءً لملكهم وأسيادهم.
- التحقيق والمُحققون:
• أيها الرفيق اعلم أن الامتناع عن كتابة الإفادة بداية التمرّد والتحدّي، وأنه حتى في حال إجبارك عليها عند ما يُسمونه "الضبْطيّة القضائية" فإنك تستطيع إنكار كل ذلك في محكمتهم (مع العلم بأن هذه الأخيرة صُورية وما هي إلا مسرحية من مسرحياتهم)، إلا أنك يجبُ أن لا تنس أنه قد يوجدُ بها مراقبُون أجانب مُوالون للحق.
• تأكد أيها الرفيق أن كل المعلومات مهما صغرتْ أو بدتْ لك تافهة، تكون هامة بالنسبة للمحقق، وأنها غايته، وقد يصل بها إلى ما لم يكن يخطر لك على بال.
• تذكر أيها الرفيق أن للتحقيق نهاية مهما طالتْ مُدّته، وأنه سيُصبح ذكريات من الماضي، فاجعله ينتهي دون اعتراف ودون استسلام، واجعل منه ذكريات لا تنسى تفخر بها مدى الحياة.
• أيها الرفيق في أول لقاء، يكون المحقق قد جمع عنك بعض المعلومات، فتنبه، هذا لا يعني أنه يعرفُ عنك كل شيء، لكنه يُحاول أن يُوحي لك بذلك خلال التحقيق؛ تأكد أيها الرفيق بأنه لا يستطيع معرفة وضعك النفسي، لكنه يُحاول أن يفهمه من تصرفاتك وردود أفعالك؛ إنه لا يعرفك، ومن أهدافه الحقيقية التعرف على شخصيتك لفهمها، وهو بحاجة لهذه المعرفة لبناء خططه لمُهاجمتك وتفسيخ ثقتك بنفسك لإيصالك إلى الطاعة والتعاون؛ أيها الرفيق إنه لا يعرف إن كنت ستصمد أو تنهار، فاخلق عنده فكرة صُمُودك وصلابتك من البداية، ولا تقدّمْ له ما يُريد.
• أيها الرفيق لا تنس أن رجل التحقيق مُخابرٌ موظفٌ بأجر، ويعتبر التحقيق معك عملاً روتينيّاً، وقوته نابعة من صلاحياته لا من شخصيته وأنه يمل ويتعب، بينما تمثل أنت القطب المقابل، وقوتك ناتجة عن إيمانك بقضيتك ونبل مبادئك، كما أنك مناضل ومجاهد مأجور إن شاء الله من المولى عز وجل المُطلع على أحْوالك في كل لحظة، في الزنزانة، وفي الساحة، وفي مكاتب التحقيق، ولذلك فأنت تنتظر أجره وحده ولا تنتظر أجراً من أحد من البشر، لهذا كن أقوى لأنك فعلاً أقوى.
• أيها الرفيق تأكد أن الصراع بينك وبين المحقق لا يُحسم إلا في نهاية التحقيق، وحسمُه يعتمد على صلابتك، ونجاح المحقق يعني سيطرته عليك وعلى رفاقك، وعلى قضيتك، فحذار أيها الرفيق المناضل اثبتْ وتثبّتْ، واحذر أن تؤتى القضية من جهتك.
• تذكر أيها الرفيق دائماً أن المُحقق لا يُمكن أن يكون صديقاً، ولا رءوفاً بك، فهو وحش وقبل أن يكون وحشاً هو عدو محتل، لكن تذكر أنه قادر بحكم صلاحيّاته، أن يُبدّل لونه وأسلوبه، فلا تثقْ بوُعُوده وعُهوده وإيّاك أن تصدقه وتسلم بكلامه ولو حلف لك الأيمان المغلظة، فليس أيها الرفيق للعدو المحتل عهدٌ ولا وعد.
• لا تقاطع المحقق أبداً خلال التحقيق أيها الرفيق، فهو لا يعنيك، وأظهر له بصمْتك أنه لا يعنيك، فاعلم أيها الرفيق أنه سيحس بأنك غير مُبال، وهذا ما يزيد من احتقاره لنفسه، حتى وإن لم تلاحظ ذلك عليه.
- فشل ونجاح المحقق:
• لا تحْزن أيها الرفيق المناضل أو تـُغير طريقتك إذا اكتشفوا أنك "تكذب" أو تراوغ ولوْ وصفوك بالكذاب أو غير ذلك من أوصافهم للمناضلين الصحراويين، فأنت أيها الرفيق لا يهُمك احترامهم، بل يهمك أن لا تؤتى القضية الوطنية والمبادئ ورفاق دربك من قبلك؛ وثق تماماً أنهم في قرارات أنفسهم يحترمون صمودك وثباتك ولو كذبت عليهم، وأنهم يحتقرون من يُفشي أسرار رفاقه ويسلمُهم لهم.
• إذا اجتزت أيها الرفيق التحقيق بسلام فتأكد بأنك ستزداد صلابة وقوة واحتراماً.
• أيها الرفيق، إذا فشل المحقق في نقطة ما، فهو أكيد سيعُودُ للتجربة مرة أخرى، ودائماً يُحاول المحاولة الأخيرة، فاجعلها تفشل معه أيضاً كما فشلت الأولى.
• إذا استبدلوا أيها الرفيق مُحققاً بعد فشله معك بمحقق آخر، فتأكد بأن هذا يحصل بسبب نجاحك وقوة عزيمتك وإرادتك، والمُحقق الثاني سيبدأ ضعيفاً بسبب فشل الأول، فضاعف من صمودك، لأن المُحققين يتراجعُون أمام مناضل مؤمن بمبادئه صلب لا يلين.
• وسائل المحقق تجريبيّة، وأنت هو أيها الرفيق المُناضل من يُقرر فشلها أو نجاحها.
• عند فشل التحقيق مع أحد المناضلين الصامدين، قد يُدفع به إلى السجن مع موقوفين آخرين، وقد تتاح له فرصة الاحتكاك مع مناضلين آخرين بوجود بعض الجواسيس والعُملاء، فحذار أيها الرفيق فربما يكشف خلال الحديث معهم بعض المعلومات السّرية التي عجزوا عن كشفها خلال التحقيق.
- مُجْريات وأساليب التحقيق:
• المُحقق يعمل دائماً وفق طرق محددة ومنهج محدد، وليس لديه مبادرات ذاتية، ويحاول أن يظهر لك أيها الرفيق أنه عالم نفس ليضمن تفوقه عليك، بينما أنت حُر في اختيار وسائلك، فأفشل طرقه وتمرد، وابق دائماً متفوقاً عليه.
• يقول المحقق لك أنه قادرٌ على إطالة التحقيق كما يريد وهو كاذب بذلك، لأن صلاحيّاته محدودة، وهو ليس حُرّاً ليفعل ما يُريد، ويدّعي أن رضاه عنك هو الخير لك؛ إنه يكذب أيها الرفيق، وعندما تصدقه في أية مرحلة، فإنك حتماً ستقع في المصيدة.
• قد يفتح المحقق معك أيها الرفيق، بعض المواضيع الهامشية والعامة، وقد تكون أحياناً خارج الموضوع، فحذار إنه يمكن أن يستنتج منها بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من المناضلين دون أن ذلك.
• وإذا رآك متشدداً في البوْح بأسرار بعض اللقاءات والجلسات، ربما حاول أن يسألك أيها الرفيق عن بعض الأسئلة التافهة في نظرك مثل نوع الطعام أو الشراب الذي أكلتموه أو شربتموه في الجلسة، فحذار ثم حذار أن تتساهل بهكذا معلومات، وحاول تضليله حتى فيها لأنها إن كانت صحيحة فسيُوقعُ بها غيرك من الرفاق ويلجئه للإعتراف بالمعلومات المهمة التي رفضت أنت الإعتراف بها، وذلك بأن يُوهمه أنه يعرف كل شيء دار بتلك الجلسة حتى الشراب الذي شربْتموه فيها أو الطعام المحدد الذي أكلتموه؛ فرُبّما تنطلي تلك الكذبة على رفيقك وينهار ويعترف بما يريده المحقق ظاناً أن من سبقوه اعترفوا بكل شيء، ولم يكتموا حتى نوع الشراب أو الطعام، والحقيقة أنه هو الذي وقع في المصيدة، فتنبه أيها الرفيق لهذه المصيدة، وإياك أن تفرط بأية معلومة ولو كانت تافهة في نظرك، فاعلم أنه لا يُوجد شيءٌ تافه في التحقيق.
• أيها الرفيق إن المُحقق يعُودُ للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، ليُوقعك في الخطأ والتناقض، فكن حذراً.
• يجب ألا يُخيفك أيها الرفيق أو يُقلقك إحضار الأقارب واستعمالهم للضغط عليك خلال التحقيق، بل ربّما يدّعون أنهم اعتقلوا إخوانك بل وزوجتك وأولادك وغير ذلك من أساليبهم القذرة، فلا تكترث بذلك وتوكل على الله فإنه سبحانه لن يُخيّبك.
• سيتبادل الأدوار في التحقيق معك أيها الرفيق، مُحققون شرسُون، وآخرون يظهرون لك على أنهم لطفاء، فعليك ألا تنخدع وألا تكترث بذلك، ولا تتعامل مع أي منهم على أساس أنه لطيف معك، فهم جميعاً مُجرمُون وهم في داخلهم جميعاً مُتشابهون وهدفهم واحد، هو إسقاطك؛ ولن يرضوا عنك أبداً حتى تبيع قضيتك ونضالك، وتصير ذنباً لهم وسيحتقرونك بذلك حتى وهم راضون عنك.
• أيها الرفيق المناضل قد يلجأ المحقق إلى تبسيط التهمة وتقليل شأن عواقب اعترافك وأنه سيسُاعدك، ويدّعي أن ما يقوم به ليس تحقيق ولكنه مجرد دردشة أو عمل روتيني لإقفال الملف. فكن حذرا لأنه بذلك يريد أن يصطادك، فلا تـُصدقه أبداً.
• قد يُحاول المحقق أيها الرفيق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويُوهمك أن التحقيق هو نهاية المطاف، وأن تعاونك هو خلاصك؛ فحذار أيضاً فإنه بذلك ينصب لك مصيدة ليُوقع بك.
• سيلجأ المحقق أيها الرفيق المناضل إلى التشكيك بنبل القضية الوطنية وعدالتها، وبالمناضلين، والطعن بقيادتك ورفاقك، وبشهداء الوطن، وزعزعة علاقتك مع الرفاق المناضلين، بكل وسائل التشكيك الممكنة، فلا تسمح له بذلك، ولا تصدقه إذا قال أن رفاقك هم الذين وشوا بك، ولتكن إجابتك إمّا الصمْت، أو الإصرار على عدم وجود علاقة لك بهذا التنظيم أو أولئك الأفراد، أو قم بالترحم على شهداء الوطن، وامدح المُناضلين وأظهر الإحترام لهم ولأعمالهم البُطولية دون الاعتراف بوجود أي علاقة لك معهم.
• من وسائل المحقق أيضاً أيها الرفيق البطل، الاستخفاف بالمناضل قائلا له "أنت لا شيء.. أنت صحراوي.. أنت عبارة عن عدم" ونحو ذلك من الإهانات والسّباب الفاحش والبذيء المُمتلئ به قامُوسهم النتن، فتحمّل أيها الرفيق الإهانة لأن القصد منها استفزازك فقط، وجرّك إلى الإعتراف.
• لا يحترم المحققون أية عقيدة أو دين أو مبادئ، ولذلك أيها الرفيق قد يدسون عناصر مخابراتية في ثوب صحراوي، أو محققين قد درسوا وفقهوا اللهجة الحسّانية جيداً، بل وربما يُرسلون لك صحراويين فعلاً عملاء عندهم، وذلك لتشكيك المُعتقلين بجواز ما يفعلون، وما يُقدّمُون من تضحيات للقضية الوطنية العادلة.
• قد يضربك المحقق لأي سبب تافه أيها الرفيق، أو إذا جلست أو وقفت، وتأكد بأن السبب الحقيقي للضرب يكون إما إحساسُه بالفشل، أو إحساسُه أنك تخاف من الضرب، فيُحاول أن يُجْبرك على الطاعة والتعاون بالقوة.
- من وسائل المحقق:
• عزلك عن العالم وعن الآخرين، والإيحاء لك أن التحقيق أبدي، والتهديدات المختلفة والأسئلة السريعة المتلاحقة والشتائم والضرب على أماكن حساسة والشبْح والتعليق من الأرجل، والوقوف عدة أيام وليالي والحرمان من النوم عدة أيام، كل ذلك لخلق انفعالات لديك، تؤدّي إلى إرهاق الدماغ، الذي يُؤدي إلى إضعاف النشاط المخي الواعي، والإخلال بالتوازن الجسماني، إلى درجة تجعل الدماغ يتوقف تلقائيّاًّ عن النشاط والعمل للاستراحة ولو لعدة ثوان، ويضعف الدماغ خلال هذه الاستراحة التي يحاول المحقق توصيله إليها، لاستغلالها بالانقضاض على شخص منهك، والضغط عليه وابتزازه لأخذ المعلومات منه... لا تستسلم أبداً أيها الرفيق المناضل ولا تخفْ من هذه الحالة لأنها حتماً ستزول، ولا تتحدث خلالها مع المحقق، بل اذكر الله واعتصم به وتذكرْ قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وتذكرْ أن رفاقك المُناضلين يهمهم صُمودك ويعتمدُون عليْه.
• يستعمل المحقق أيضاً لغايات إرهاق الدماغ، الأساليب العصبية مثل: الضرب بشدة على الرأس ورؤوس أصابع اليدين والقدمين والشفاه والآذان والأعضاء الجنسية وشد الشعر، كما ينقل الضرب من مكان إلى آخر بشكل مستمر لإثارة جوّ من الإرهاب والتشكيك والإرهاق للدماغ، والمؤثرات النفسية؛ كل ذلك له نهاية، فهو إنسان ويمل كما تمل، ويتعب كما تتعب، ويألم كما تألم، ونهايته تعتمد على صُمودك أنت فقط.
• تذكر أيها الرفيق البطل أنه على المحقق في النهاية، أن يُقرّر إما أن المعتقل بريء، أو أنه ثابت على مبادئه وإيمانه بعدالة قضيته ونبلها، أو أنه صامد مُصمم على عدم قول أي شيء حتى بوجود الأدلة والمواجهات، أو أنه ضعيف خائن لرفاقه، إنها الخيارات الأربعة الوحيدة أمامه، فلا تكن رابع هذه الخيارات.
- الصمود والتعذيب:
ومهما كانت ثقافة المعتقل وعلمه، فالصمود ممكن، لأن الصمود لا يحتاج إلى شهادات جامعية أو نحوها.
- للصمود والتغلب على الانهيار:
• ثق دائماً بالله وبأنك عبدٌ من عباده، وأن الأعداء المُحتلين ما نقموا منك إلا لنصرتك لقضيتك العادلة ومبادئك الراسخة، وتذكر أيها الرفيق قبل التفكير بمصيرك، أن صمودك يثبت رفاقك المناضلين في الداخل والخارج، ويجنبهم الاعتقال الذي يتعرضون له بسبب اعترافك، وتذكر من صمدوا قبلك، من المناضلين والشهداء، فلست وحدك في هذه الطريق، وتذكر أن الانهيار سيجعلك جباناً خائناً يحتقرك حتى الأعداء أنفسهم.
• إذا كنت مستعداً للشهادة من أجل وطنك، وكنت تبحث عنها قبل الاعتقال، فلم تسقط خلال التحقيق أوفي المعتقل، فالشهادة بابها مفتوح هنا أو هناك، وإذا كنت قد سلكت هذه الطريق وقد جعلت نصب عينيك إحدى الحُسْنييْن "كل الوطن أو الشهادة"، فكيف تنهار أيها الرفيق تحت ضربات بعض العصي غير القاتلة، بل حتى ولو كانت قاتلة؟ وإذا حصلت على شرف الاستشهاد، وهو قليل الحصول في التحقيق، فإن الاستشهاد كان أمنيتك من قبل، وسيجعل منك قدوة في الثبات ، ورمزاً عند رفاقك.
• التحقيق هو المرحلة الوحيدة من النضال التي لا تكون فيها تحت الخطر إذا صمدت، فخطر الضرب والتعذيب أيها الرفيق البطل لا يُقارن بالرّصاص والقنابل والصواريخ التي سقط بها العديد من الرموز شهداءً لنصرة الحق، وتحرير الوطن.
• التحقيق معركة، وما يقرر نتائجها هو إرادة المُقاتل التي تعتمد على شخصيّته وإيمانه بقضيته وثباته على مبادئه، والصلابة والصمود والثبات ينالهما من الله والاعتصام به، ثم من التشبث بعهد الشهداء الأبرار، والتحلي بذلك أيها الرفيق يُعينه على الثبات ويدفع المُحقق إلى الإفلاس والهزيمة.
• تذكر أيها الرفيق أن بين النصر والهزيمة صبرُ ساعة، وتذكر قول القائل: "يا أقدام الصبر احملي بقي القليل".
• التحدي مرة يقودك إلى استمرار التحدي والانتصار، وهزيمة المحقق لا تكون إلا بالتمرد والتحدي، فواجه أيها الرفيق البطل أيّ هجمة منه بهما، فتضعفها وتحبطها.
• الضعفاء يفضلون أنفسهم على المصلحة العامة وعلى رفاقهم، ويتجنبون التحدي لضمان النجاة، لكنهم أيها الرفيق لا ينجُون بعد السّقوط والاعتراف، بل يحترقون ويحْرقون غيرهم معهم.
• إذا حدث وانهرت أيها الرفيق لأي سبب (لا قدّر الله)، فارجع للتمرد مباشرة قبل أن يتحول الانهيار إلى سلسلة انهيارات والى كارثة عليك وعلى رفاقك.
• السقوط هو فقدان كل رصيدك النضالي أيها الرفيق، وهو انتقالك إلى صف الأعداء، مع دفع الثمن أيضاً، لأنك ستدان وتحكم، ويقال عنك " أنك حتى لو لم تكن عميلا، إلا أنك اعترفت واستعملت كالعملاء"، فبذلك تكون (لا قدر الله) قد أحبطت نضال رفاقك، واعتقلوا بسببك.
• إذا اعترفت أيها الرفيق سيُعاقبُونك وسيُعاقبُون من تعترف عليهم، وإذا صمدت يُعذبونك مدة محدودة، ولا يُعاقب أحد إذا لم تتوفر الإدانة.
• إن الصّبْر أيها الرفيق مسألة إرادية وليست جسديّة، ونفاذ الصبر أيضاً مسألة إرادية، فحذار أن ينفذ صبرك.
• لا تقبل أن تشهد ضد آخرين، فالاعتقال أيها الرفيق لا يُلزمك بالشهادة على غيرك.
• حوّل أيّ مواجهة مع رفيق معتقل، إلى حافز للصمود والثبات لكما، وإذا واجهوك بمعتقل معترف، فاظهر له ثباتك، وشجّعْهُ أيها الرفيق بذلك على العودة إلى الثبات.
• ردّ الفعل الصحيح على كل أنواع التهديد هو الثبات والصّمُود، حتى على التهديد بالاعتداء على العرض، وإذا هدّدُوا أيها الرفيق بالاعتداء على أهلك، اعرف أن لهم حدوداً لا يسْتطيعُون تجاوزها، وأن هناك شعب منتفض سيحول دون ذلك، وتأكد بأن الاعتراف لحمايتهم لن يحميهم بل سيتسلطون على هذا الباب ويضغطون عليه زيادة إذا عرفوا أنه يدفعك إلى الاعتراف، فالاعتراف لن ينجيهم بل سيجعلهم ضحايا لمزيد من الاعترافات.
• تذكر أيضاً أن التحقيق هو تكثيفٌ لحالة صراع بين مناضل صاحب قضية ومبدأ، وبين رجال التحقيق وهم مُوظفون لا دافع لعملهم إلا الراتب، وإن وجد فهو الولاء والطاعة لنظام القصر الملكي الظالم، وتذكر أيها الرفيق أن الانتصار حتماً لصاحب الحق وأنك أنت صاحب الحق والأقوى عقائدياً فيجب أن تنتصر.
• التحقيق أيها الرفيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والمدارس والجامعات والسجون، ويجب أن تنتصر بها لأنها تعتمد على ثباتك وصلابتك وثقتك بالله ثم بعدالة قضيتك.
- بعض أساليب التعذيب والضغط والحرب النفسية خلال التحقيق:
• التعذيب ليس هدفاً لذاته أيها الرفيق المناضل، بل اعترافك هو الهدف من التعذيب.
• تأكد تماماً أيها الرفيق أن الأضرار الجسدية المُحتملة في التحقيق، تصيب المُنهارين والمُعترفين بنفس القدر الذي يصيبك ويضاف إليها الحسْرة والإحباط الذي يحصل مع الانهيار والاعتراف، فالصّمُود مع بعض الأضرار مع لذة الانتصار، أشرف من السّقوط مع نفس الأضرار مع مرارة ومذلة الانهيار، وربما التورط في قضايا وأحكام كبيرة بسبب الاعتراف، فاختر أيها الرفيق البطل أقل الخسارتيْن.
وأخيرا وليس آخراً.. نقول أن مُعانات الشعب الصحراوي تحت تسلط إدراة الإحتلال المغربية، سيان فيها الجنسيْن، ولا فرق بين معتقل رجل أو امرأة.. فكما قد تمارس هذه الوسائل على الرجال فإنه تمارس باسوأ منها على المرأة.. ولهذا إياك رفيقتي المناضلة الصحراوية الأبيّة من الوقوع في فخ مُحققي المُخابرات المغربية الجبانة.
ودمتم أيها الرفاق الأبطال أوفياء لخدمة القضية الوطنية عموماً.. وكل الوطن أو الشهادة.
كتب في: 11 سبتمبر 2007
بقلم: محمد هلاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق